مع تصاعد التقارير في إبريل الماضي عن تعزيزات عسكرية روسية ضخمة على الحدود مع أوكرانيا، توقع الكثيرون احتمال نشوب حرب تحتل فيها روسيا البوتينية دولة أوكرانيا أو المنطقة الشرقية منها على الأقل، فقد حذر سفير أميركي سابق بأن بوتين قد يشعل حرباً في أوروبا بغزوه أوكرانيا، بينما فضل آخرين استبعاد أن يؤدي ذلك لوقوع مثل هذه الحرب مع تأكيدهم أن بوتين يظل من الممكن أن يفعلها، كما بدأت بعض الصحف والقنوات الإخبارية الكبرى باستعراض تسلسل تاريخي للتوتر بين أوكرانيا وروسيا منذ احتلال روسيا للقرم 2014، حيث ركزت على فترة ما بعد سقوط الاتحاد السوفياتي واستقلال أوكرانيا عن روسيا سنة 1991.
تاريخ الاستعمار الشيوعي لأوكرانيا
في هذا المقال سوف نستعرض تاريخ الاستعمار الروسي لأوكرانيا في الفترة السوفياتية الشيوعية، وكيف حكمتها بالحديد والنار، لكن سوف نكتفي ببعض اللمحات فقط، لأنه يصعب وضع تسلسل تاريخي لتلك الفترة الطويلة والمليئة بالمآسي، إذ يكفي أخذ عنية لمعرفة مدى الإجرام الشيوعي السوفياتي بالشعوب واستخفافه باستقلال الدول تحت اسم الاتحاد السوفياتي، وها هي روسيا لا تزال حتى الآن على خطى الشيوعية، إذ تستخف باستقلال أوكرانيا، وتعمل على احتلالها بسياسة القضم التدريجي، بدءاً من احتلال جزيرة القرم سنة 2014، ثم بدعم الانفصاليين في شرق أوكرانيا، ثم أخيراً بجمع هذه الحشود العسكرية الضخمة.
تقع أوكرانيا جغرافياً في أوروبا الشرقية، ولكن الاتحاد السوفياتي ضمها إليه في الحرب الأوكرانية السوفياتية عقب الثورة البلشفية، واستمر الصراع حتى سيطر الجيش الأحمر السوفياتي عليها واحتلها بالقوة، وقد زعمت روسيا أن أوكرانيا جزء من الاتحاد السوفياتي، والحقيقة أنه استعمار، بل أسوأ من الاستعمار، حيث شاعت المذابح والمجاعات في أوكرانيا وكامل الاتحاد السوفياتي طيلة عقود من الزمن، حيث “دمرت الثورة التي جلبت الحكومة السوفيتية إلى السلطة البلاد، وخلفت أكثر من 1.5 مليون قتيل ومئات الآلاف بلا مأوى، واضطرت أوكرانيا السوفيتية لمواجهة المجاعة عام 1921”. والآن يحاول بوتين إحياء الحلم السوفياتي الشيوعي البائد، بإعادة بناء شكل جديد من الاحتلال على نفس الأسس الإرهابية الشيوعية السابقة.
المجاعة الأوكرانية في عهد ستالين
ويُطلق عليها اسم “هولودومور” وتعني “القتل بالتجويع”، وقد وقعت في أوكرانيا في الموسم الزراعي 1932 – 1933، حيث ذهب ضحتها ما يصل إلى عشرة ملايين، وذلك بالرغم من كون أوكرانيا هي سلة الخبز لأوروبا الشرقية، وقد أشار كثير من الباحثين والمؤرخين بأنها مجاعة مدبرة من الحكومة السوفياتية للقضاء على النزعة القومية والاستقلالية الأوكرانية، ومع آخرين أشاروا بأنها نتجت عن مشكلات اقتصادية غير مقصودة، إلا أنه مع ذلك فهي مدبرة، نظراً لما عُرف عن ستالين باستهداف الشعوب التي تتوق للحرية، فيما عُرف بسياسة التطهير أو الرعب العظيم، وقد صودر مخزون الفلاحين من الغذاء قسراً من قبل الحكومة السوفيتية من خلال المخابرات السوفياتية والشرطة السرية، وكان ستالين على معرفة كاملة بالقوة المدمرة للمجاعة، وقد اعترف الاتحاد الأوروبي بها كإبادة جماعية.
المصادر:
جمهورية أوكرانيا الاشتراكية السوفيتية – ويكيبيديا (wikipedia.org) بتصرف.