من العلو الكبير الذي وصل إليه اليهود في هذا الزمن النفوذ الكبير في المعسكرين الكبيرين الشرقي والغربي معاً.
المفارقة، أن العامّة يجمعون على أن نفوذ اليهود في الغرب هو ضد العرب والمسلمين، وأكثرهم لا يرى منهم فائدة تذكر لنا، بل خطر على خطر، في حين يرى كثير من أولئك القوم أعلاه أن النفوذ اليهودي في المعسكر الشرقي (السوفييت، الصين، إيران، بعض القومجيين العرب، كوبا، كوريا الشمالية….) له فوائد لتحرر العرب والمسلمين من الظلم والاستبداد، ولمساعدتهم في قضاياهم الكبرى وخاصة في القضية الفلسطينية، والكردية، جنوب السودان، وسوريا، اليمن، وأفغانستان، ولبنان،الخ).
قلت:
إن كان الأمر بالتمنّي أو بالأوهام، فالطرف الآخر أولى أن يرى النفوذ اليهودي في الغرب هو لصالحه. ولكن (!!!) ما هكذا تورد الإبل.
فهذه المسألة من دقيق السياسات والوعي الفكري الذي بحاجة ماسة للتفريق بين الحاضنة اليهودية في الغرب والأخرى في الشرق، أو معرفة الفرق في مبدأ الحريات وتداول السلطة بين دكتاتورية البروليتاريا الشرقية والديموقراطيات الغربية.
وبتلك المعرفة، تنجلي بعض المسائل المثيرة والغامضة وتتفكك أمام الدارسين للتمييز بين الخطر والأخطر، أو القريب والأقرب لمصالحنا.
فتأثير وجود اليهود في المعسكرين على القضايا العربية والإسلامية، يدور حيث دار وجود الحريات العامة وحرية تداول السلطة في النظام الذي يحتضن اليهود نصّاً وواقعاً.
وبعد الدراسة والبحث في أصول وعقائد وقاعدة الحكم في الغرب المسيحي وأصول ومراجع وقاعدة الحكم في الشرق الاشتراكي وتاريخهم، سنؤمن حينها بكل وضوح وبلا تردد ولا تأويل فيه ولا تخصيص ولا تقييد، سنؤمن بظاهر قوله تعالى:
(لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ) (المائدة:82).
فهذه القائمة من اليهود في حكومة الرئيس الامريكي الجديد بايدن، تؤكد لنا مدى النفوذ اليهودي في الغرب، علما بأن الأنظمة السنيّة المعتدلة مالت الى التعاون والتحالف مع الأحلاف الغربية بدءًا بحلف بغداد وما تلاه، مع علمها بنفوذ اليهود فيها وخاصة في بريطانيا التي ساهمت في إصدار ما يسمى بوعد بلفود، وفي تقسيم الدولة العثمانية بين الغربيين، على الرغم من ذلك كله تعاونوا مع الغرب ضد الأحلاف الشرقية التي حكم بها اليهود تلك الأنظمة وتحكّموا في قرراتها كلها.
فكان لا بد من التفريق بين أثر الوجود أو الهيمنة اليهودية في الغرب وفي الشرق، وعليه ترجح للعرب التعامل مع الغرب والتحالف معه ضد الخطر الأعظم. وهذا من فقه تنزيل النصّ على الواقع، وليس من باب العمالة للغرب كما يزعم محور الشرّ الشرقي والمفتونون به.
اقرأ كتاب:
اليهود في المعسكر الشرقي.
وكتاب اليهود في المعسكر الغربي. للمؤلف، داود سنقرط.
عدنان الصوص
٢٩/١/٢٠٢١