لماذا؟ تتجاهل غالبية أمة القرآن تطبيق أول أمر أنزله الله تعالى لسيدنا النبي الأمي محمد صلى الله عليه وسلم هو:” إقرأ…”
كيف يمكن لأمة أن تفهم دينها فهمًا صحيحًا؟ وتنهض بحضارتها من غير أن تقرأ؟ إن القراءة المطلوبة هي ليست فقط قراءة القرآن للأجر والثواب فقط، كما يفعل الغالبية وبلا أي تدبر، فقد قال تعالى: “كتابٌ أنزلناه إليك ليتدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب” [ص:29]، فالتدبر هو المغزى وهو الغاية لتحقيق الفائدة من الأمر “إقرأ”، وبالتدبر يتم التعمق في فهم جوهر الدين، ويزداد المرء إيمانًا وهدى.
كما أن القراءة لا تقتصر فقط على قراءة القرآن والسنة، فقد قال تعالى: “قل سيروا في الأرض فانظروا كيف عاقبة الذين من قبل، كان أكثرهم مشركين” [الروم:42]، فهذه آية تأمر بالنظر في التاريخ، سواء كان في الواقع أو من الكتب والوثائق والآثار التي تركتها الأمم السابقة. ومن ذلك أيضًا قوله تعالى: “قد خلت من قبلكم سنن فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين” [آل عمران:137]، فالتاريخ هو أكبر معلم ومعين على فهم الدين وفهم الحضارة، وهذه السنن هي سنن علم الاجتماع البشري، وبقراءة التاريخ الدقيق نعلم مثلًا كيف حرف النصارى عقيدتهم من التوحيد إلى التثليث في مجمع نيقية، وكيف فقد اليهود التوراة الأصلية في السبي البابلي ثم جمعوها بعد 100 سنة من ذاكرة النساء والشيوخ والأطفال، والأمثلة تطول حول كيف أن البحث العلمي والتاريخي الصحيح يتعاضد مع القرآن.
كما نجد أيضًا قوله تعالى: “قل انظروا ماذا في السماوات والأرض” [101: يونس]، وهي آية واضحة بالأمر بالتفكر في خلق الله تعالى، وتعلم الفلك وعلوم البحار والجيولوجيا، وفي قوله تعالى أيضًا: “قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق” [العنكبوت:20] والتي تأمر بتعلم علوم الحياة والبيولوجيا، فهل تعلمون أن من طبق هذه الآية هو عالم الحياة داروين؟ فقد سار طيلة حياته في رحلات حول الأرض وإلى أبعد القارات والجزر، ودرس الحيوانات وقارن بينها، باحثًا عن “كيف بدأ الله الخلق”، ولكنه وصل إلى نتيجة مغلوطة بسبب تقصير المسلمين بالمشاركة في هذه الأبحاث تطبيقًا لهذه الآية.
زاهر طلب
15/7/2020