الخلافة الإسلامية التي وُعد بها المسلمون أمر حتمي كما أخبر بذلك الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي يرويه الإمام أحمد (( ثم تكون خلافة على منهاج النبوة )) وهذه الخلافة التي وعدنا بها يسبقها ملكاً جبرياً (( ثم تكون ملكًا جبرية فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها)) وهذا ما نراه اليوم من المُلك الجبري من الحكم السائد.ولكن عندما خرجت داعش في تنظيمها الجديد على فكر الأمة سمت نفسها (دولة الخلافة)، صُدم الناس بهذا الاسم وكانوا ينتظرون من هذه الخلافة العدل، والإحسان إلى الناس، وإزالة الطواغيت، والدعوة إلى الله. لكونها تمثل سلطان الإسلام في الأرض، من خلال تحكيم شرع الله.
ولكن هذا ما لم يحصل في الواقع، بل كان العكس تماماً فقد استخدمت داعش والقاعدة حكم التغلّب في حكم المناطق التي تُسيطر عليها، فلا فرق بينها وبين حكام المسلمين الذين نعيب عليهم في طريقة حكمهم .
هذا أمر، والأمر الآخر أن الخلافة الإسلامية التي ينتظرها المسلمون لا تظهر من العدم، كما ظهرت داعش بهذه الإمكانيات الهائلة مجهولة المصدر، بل الخلافة التي ستكون على منهج النبوة، هي جهد العلماء والدعاة والمصلحين في الأمة على عوام الناس، من خلال تفهيمهم أمور دينهم وتصحيح المفاهيم المغلوطة في عقولهم وحينها يختار الناس الإسلام طواعية بل ويدعون إليه طواعية، بلا خوف ولا إكراه .
فما حصل من خلافة داعش المزعومة، هو مخطط لحرق المراحل التي يجب أن تكون لقيام الخلافة الإسلامية، وبنفس الوقت لتشويه صورة الخلافة العادلة والحقّة التي ستنصف المظلوم وتقتص من الظالم .
فالتدرج سنة كونية فالطفل لا يمكن أن يمشي وهو قد ولد اليوم، بل يحتاج لسنوات ولتغذية ولرعاية حتى يكبر، وهذا هو النظام الحقيقي للدعوة أن نرعاها ونُرشد الناس بالحسنى ولنجتهد في ذلك بكل الأساليب، لكي نحقق خلافة الله في أرضه ونُقيم شرع الله بكل أريحية ورحمة وهذا ما ينتظره الناس، لا ما تنشره داعش من قتل وتفجير وتفخيخ وتكفير وتخوين والدين منها براء .
أبو بكر العيساوي