النظام السوري وغسيل أدمغة اللاجئين السوريين في الخارج

تحدثنا في المقال السابق عن خطورة فكرة اتهام الدول التي تستضيف اللاجئين باختلاس أموال المساعدات الدولية والخيرية المقدمة من الأمم المتحدة والدول والجهات المتبرعة، والتي مصدرها الاستماع الببغائي للإشاعات السلبية، وأن هذه الأفكار تؤدي لقيام بيئة خصبة لانتشار الأفكار المتطرفة، مثل الأفكار التحريرية والداعشية بين اللاجئين. وسنتحدث في هذا المقال عن طريقة غسيل الدماغ الفكرية، التي يقوم بها نظام حزب البعث على المساجين السياسيين واللاجئين خارج سوريا عبر عملاء يندسون بينهم.

 

ويوجد لهؤلاء العملاء أو الجواسيس عدة وظائف أو اختصاصات أهمها:

1- التجسس عليهم وعلى الدولة والمجتمع المضيف ونقل أخبارهم للنظام البعثي، وهذه هي الجاسوسية الإخبارية.

2- التوجيه الفكري واستخدام طرق غسيل الدماغ. وهذه هي الجاسوسية التوجيهية، والتي سوف نتحدث عنها ونركز عليها في هذا المقال.

من أهم وأغرب تجارب غسيل الدماغ التي كان ولا زال يقوم بها النظام البعثي، هي العمل على توجيه نقمة المساجين السياسيين والنشطاء، ومؤخرا أيضا اللاجئين ضد الدول التي تقف إلى جانب محنة الشعب السوري، مثل الأردن ولبنان والسعودية وغيرها، حيث يتم تعذيب المساجين إلى درجة ترهق عقولهم، أما اللاجئين فتكفيهم رحلة اللجوء والغربة عذابا، وفي أثناء الاستراحة من التعذيب، يتحدث المندسون بينهم عن أن سبب ما هم فيه من مصائب وشقاء هي هذه الدول الصديقة للشعب السوري!

وعلى الرغم أنها فكرة غبية وغير منطقية، إلا أن كثرة تكرارها على عقولهم وضعف قدرة المحاكمة العقلية لديهم في هذه الظروف القاسية، ومع مضي زمن طويل، يؤدي هذا إلى حقنهم بالحقد على هذه الدول! وهذا ما قد يفسر كيف أن كثيرا ما نسمع اللاجئين يقولون: “نرجع إلى بشار ولا نبقى في هذه الدول!” مع أنه في الحقيقة لا توجد مذلة في المخيمات إلا ربما من بعض الأخطاء الفردية، ومن صعوبة الظروف أحيانا، والناتجة عن قلة الإمكانيات وعدم كفاية التبرعات الدولية، إذ من المستحيل أن يكون العيش تحت البراميل المتفجرة والكيماوي أرحم من الحر أو البرد في المخيمات! ومن المستحيل أن يكون لعق أحذية شبيحة بشار ومرتزقته المحتلون القادمون من إيران أكثر عزة من بعض الخلافات الأخوية مع الأشقاء المضيفين المتعاطفين مهما كبرت!

إن هذه الطريقة الخبيثة في غسيل أدمغة اللاجئين تؤدي لنتائج خطيرة على اللاجئين والمجتمع والدول المضيفة، ولهذا يجب توخي الانتباه والحذر مما ينتشر من أحاديث في أوساط اللاجئين، ويجب العمل على توعيتهم علميا وفكريا، ربما بطرق مشابهة لطرق التوعية بحقوق اللاجئين من قبل مفوضية الأمم المتحدة، مثل المطويات والأفلام القصيرة والتمثيليات التي تتحدث عن الواقع، فهم ضحية لمرتين، الأولى عندما لجأوا، والثانية عندما تم محاولة تحويلهم إلى أعداء لمن استضافهم ووقف إلى جانبهم، فالنظام الذي هجّرهم لا يروق له أن يجدوا مكاناً يرتاحون فيه، ولا يروق له عمل الذين يقومون بواجبهم الإنساني والعربي والإسلامي بمساعدتهم، فلا يغمض لهذا النظام جفن حتى يوقع بينهم العداوة والقلاقل، ولكن الوعي والعلم والتفهم وحسن الأخلاق كفيلة بإفشال كل ذلك إن شاء الله.

زاهر بشير طلب

كاتب وباحث سوري

Scroll to Top