إن دين الإسلام الحنيف الذي أنزله الله تعالى على الأنبياء وأكمله في رسالة النبي محمد صلى الله عليه وسلم هو دين الفطرة الإنسانية، فلا هو دين متشدد ولا هو مائع متهاون، فيه العزائم وفيه الرخص، وهو بالعموم دينٌ يسر، ولا يشادّ الدين أحد إلا غلبه، وقد كان عليه الصلاة والسلام كما ورد عن عائشة رضي الله عنها إذا خُير بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثما، فإن كان إثما كان أبعد الناس عنه، ولدينا أيضا الحديث المشهور، “من رغب عن سنتي فليس مني”، ولهذا فإن منهج الغلو والتطرف عند القاعدة وداعش لا يتفق مع روح الإسلام.
إن ما فعلته داعش مثلا من تهجير المسيحيين أو اليزيديين في العراق مرفوض، وذلك لأنهم كتابيون من أهل الذمة وليسوا محاربين، ولم يسبق لأي خليفة مسلم طوال ثلاثة عشرة قرنا مضت أن مسّهم بأذى، ولقد أسس النبي صلى الله عليه وسلم دولته الإسلامية على وثيقة المدينة، التي ضمنت لليهود من الحقوق والحماية في هذه الدولة مثل ما للمسلمين، وبهذا تكوّن المجتمع المسلم الإسلامي بمعناه السياسي الأوسع ليشمل المسلمين وغير المسلمين الذين دخلوا في نظام الدولة الإسلامية، وهذا يعني أن الدولة الإسلامية الحقيقية هي التي تحمي الأقليات وليست تلك التي تهجّرهم.
كما لا يجوز القتال ضد الكفار لمجرد أنهم كفار، فالقتال ضدهم لا يكون إلا بسبب الحرابة وليس الكفر، فإذا كانوا مسالمين فلا يجوز قتالهم، وبهذا لا يحصل تعارض ذلك مع آية “لا إكراه في الدين”، لأن الجهاد معناه الأساسي هو جهاد الدعوة والصدع بالحق، والقتال يكون ضد من يقاتل ويعتدي ولو كانوا مسلمين، وليس ضد الكفار لمجرد كونهم غير مسلمين.