استراتيجية الفخاخ تستخدمها الأيديولوجيات الشيوعية والمشتقة منها، مثل الاشتراكية والبعث والناصرية وأيضا تنظيم القاعدة يستخدمها، وهذا يدل على أن قياداته فعلا موجهة من النظام البعثي ومن إيران، وتكون بتأسيس عدة أحزاب أو هيئات ظاهرها التعارض وربما بعض العداء فيما بينها، ولكنها كلها تخدم الفكرة التي تريدها الشيوعية أو القاعدة في الإطار العام، وذلك برغم اختلاف ظاهر في الجزئيات لتتعدد الأحزاب، والهدف هو تنافسها بين بعضها، وأيضا لتكون بدائل احتياطية في حالة سقوط أو فشل بعضها، وأكثر من ينجح منها يكون هو المهيمن أو الذي يصل للحكم.
ومن اﻷمثلة على ذلك قديما التنافس بين الحزبين الشيوعيين في روسيا القيصرية قبل الثورة، حزب المناشفة وحزب البلاشفة الذي انتهى بهيمنة البلاشفة، وقد حصل مثل ذلك في أجنحة البعث السوري وكذلك البعث العراقي، فعندما سقط مثلا الحزب القومي السوري وسقط الحزب الشيوعي وسقطت الناصرية بقي حزب البعث، وفي جنوب لبنان كانت السيطرة سابقا لحركة أمل ثم لدى تضعضع أحوالها انتقلت السيطرة لحزب الله الخميني الولاء، كما توجد أيضا منظمات احتياطية أخرى منافسة تابعة لإيران.
إن جبهة النصرة مخترقة من النظام السوري، وقد كانت مقابلة الجولاني مع قناة الجزيرة محاولة تلميعية تستغل احتراق اوراق داعش، إذا يوجد لديهم استراتيجية الفخاخ الاحتياطية، والآن نفس الأمر فإذا سقطت داعش توجد جبهة النصرة بديلا قاعديا عنها، وإذا سقطت النصرة ربما ستخترق المخابرات السورية الجبهة الاسلامية لتصبح جبهة قاعدية وهكذا.
إن جبهة النصرة ليست بريئة من القاعدة كما يظن البعض بل إن قائدها الجولاني قد بايع الظواهري، فهو فقط رفض التبعية للبغدادي، إنه يريد أن يكون منافسا لداعش وليس تابعا لها، إن لجبهة النصرة تكتيك إرهابي مخفف يختلف عن التكتيك الفظ التقليدي للقاعدة، ولكن هذا فقط للخداع وليس تحسينا حقيقيا في تعاملهم مع الشعوب، إنهم فقط يهدفون لبناء شعبية واستقطاب المجاهدين الشرفاء من الجيش الحر، وأيضا ليكونوا بديلا محتملا إذا سقطت ورقة داعش.
إذا سقطت ورقة جبهة النصرة، فهذا لا يعني بالضرورة أن كل الكتائب الإسلامية ستكون بديلا قاعديا، ولكن بحسب توجهاتها وتصرفاتها وعقيدتها يمكن معرفة حقيقتها، بالمقارنة بينها وبين القاعدة وبين تعاليم الإسلام الحقيقية، فالإسلام الحقيقي معتدل وسمح ويعمل لنشر الإسلام بالدعوة والإقناع وليس بالإكراه، كما أن الإسلام يؤمن بالحفاظ على المصالح والمفاسد، وإذا كان لتطبيق أحكام الشريعة أو الحدود نتائج غير التي من أجلها شرعت، بسبب عدم تهيئة المجتمع والظروف الدولية لذلك، فإنه يؤجل تطبيق الشريعة، الإسلام يقيم دولة مدنية تكفل حرية الفرد والمجتمع وذلك لأن نشر الدعوة أولى من تطبيق الأحكام.