في مؤتمر للمعارضة السورية بثته اليوم قناة العربية تحدث فيه بعض رموز المعارضة ومنهم ميشيل كيلو، حيث تحدث عن طبيعة الثورة السورية المدنية وأنها لم تكن بشعارات مثل “القرآن دستورنا… والله غايتنا…ألخ من هذا الكلام” وتحدث بطريقة تبدو وكأنه ليس فقط يرفض استغلال الشعارات الدينية في العمل السياسي، بل وكأنه يرفض الإسلام أو شريعته على الأقل رغم أنها شريعة مدنية وليست ثيوقراطية، كما تحدث عن انتهاء وجود الإسلاميين بعد أحداث الثمانينات بفعل مجازر النظام، وأن الموجودين على الساحة قبل الثورة هم الديمقراطيين، وكأنه يوحي بأنهم الممثلون للثورة!
أقول:
إن الثورة قامت بشكل مدني ولكنها أيضا لم تكن ترفض الإسلام، بل خرجت من المساجد وبشعارات بعضها مسلمة فطريا، وحديثه بهذا الأسلوب يوحي وكأنها ثورة لا تريد الإسلام، وهذا الخطاب يساعد الإخوان بادعاءاتهم بأن المعركة هي بين الكفر والإسلام، مع أنها بين الاستبداد باسم الدين وبين الحرية وهي يدعو لها الدين، فالمدنية ليست ضد الإسلام بل في الأصل انبثقت منه، كما أن غيابا الإسلاميين منذ الثمانينات لم يكن غيابا حقيقا كأن تكون مثلا قد سقطت شعبيتهم عند الناس، ولكن بسبب قسري من بطش النظام الذي هو نفسه يثور الشعب عليه الآن، كما لا يجوز الحديث فقط عن الشعب السوري في الداخل وكأن عشرات الملايين من السوريين المهجرين القسريين والطوعيين ومنهم أطياف معارضة، وكأنهم ليسوا من الشعب السوري بسبب أنهم موجودين في الخارج!
إن الناشطين والمعارضين الديمقراطيين الذين تحدث عنهم بأنهم وحدهم الموجودين في الساحة قبل الثورة، فهذا غير صحيح لأسباب كثيرة، حيث هؤلاء فقط كانوا من اليساريين المسموح لهم بالظهور في الساحة، ولم يكن من الممكن ظهور تيارات أخرى من ليبراليين أو من بقايا الحزب الوطني ولا من الإسلاميين على الشاشات، لكنهم موجودين سواء في الداخل بدون ضجيج أو في الخارج، كما أن معارضة الخارج هم مهجرون قسريون يحق لهم ما يحق لمعارضة الداخل تماما.
كما أنه في الواقع لا وجود في الدنيا لتيار ديمقراطي أو حزب ديمقراطي في حقيقة الأمر، فالديمقراطية ليست أيديولوجيا، بل هي حالة توافق، ومن تحدث عنهم بأنهم كلهم ديمقراطيين هم غالبيتهم أصحاب فكر أيديولوجي يساري أو اشتراكي أو قومي ويدعون للديمقراطية، وهذه الديمقراطية في الحقيقة إذا كانت صادقة فيجب أن تقبل بالتيارات والأطياف الأخرى من الإسلاميين وغيرهم من البرجوازيين، وذلك ليكون فعلا هو وهؤلاء الذين وصفهم بالديمقراطيين قد أصبحوا كذلك حقا.