قلنا في المقال السابق “الماركسية وتوظيف الحركات الاسلامية” ان الحركات الاسلامية ومنها جماعة الاخوان المسلمين قد تم تحريكها من قبل القوى الماركسية (الصهيونية الاشتراكية) لحكم المنطقة بناء على نظرية البيريسترويكا: “يجب ان ننبثق من خصوصيات المجتمع”.
ومن الضروري شرح آليه عمل توجيه هذه الحركات واقناعها بالتحرك بما يتناسب مع محور الشر الاشتراكي ومخططاته للسيطرة على المنطقة والذي ستنتهي بإقامة اسرائيل الكبرى حسب نظرياتهم التلمودية.
وقبل ان نبدأ مقالنا يجب ان نفهم ان جوهر الاسلام هو هدى الناس الى الحق واخراجهم من الظلمات الى النور، وان اقامة الدول العظمى تحتاج الى التغيير لما في انفس الناس وقاعدته الرئيسية “ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم” وان الجهاد هدفه دعوة الناس الى الخير والدفع واقامة الحق والعدل وحماية الضعفاء وليس الظلم وقتل البشر وتعذيبهم!
لإقناع الحركات الاسلامية وتوظيفها للعمل لصالح الماركسية تم استخدام وسائل متعددة، لعل اهمها وسيلتين هامتين جدا:
الاولى: غسيل الدماغ في السجون:
في الدول الاشتراكية جميعها تم الانقلاب على الحركات الاسلامية وحشر اعضاءها في السجون خصوصا في مصر زمن حكم عبد الناصر والعراق زمن حكم البعث وسوريا البعث واسرائيل، وفي هذه السجون مورس على السجناء اشد انواع التعذيب ووضعوا في جو نفسي وعقلي متكامل لتوجيههم فكريا لإقناعهم بنقطتين: اولها الأفكار الاشتراكية من دون ذكر شيئا عن انها افكار الاشتراكية بل تغليف تلك الافكار بشعارات اسلامية (مثل فكرة التأميم والحقد على الاغنياء والصراع على السلطة ضد الحكام) وثانيها هو توجيه تلك العقول للحقد على اعداء الماركسية خصوصا الدول السنية (السعودية والاردن بالذات) ومن ثم توجيههم للحقد على اعداء الماركسية في العالم خصوصا الغرب الديمقراطي.
عندما اطلق السادات مثلا سراح الآلاف من الاسلاميين من سجون عبد الناصر خرج فيهم المغسولي الادمغة الذين كانوا يرون ان مشكلتهم ليس جلاديهم في السجون او في الاشتراكية التي ذبحتهم، بل مشكلتهم هي السادات والسعودية والاردن والغرب!!! وخرج معهم الذين بدأوا ببث الافكار الاشتراكية بشعارات اسلامية في المجتمع مما ادى لإيجاد المزيد من الاحزاب المتشددة التي ترى ان المجتمعات كافرة وان القتال والانقلابات هي طريقة الصحيحة لعودة الحكم بما انزل الله!.
ولنلاحظ ان هذا ادى الى اغتيال السادات مخطط والمنفذ الرئيسي لانتصار حرب رمضان التي اسقطت النظريات الاسرائيلية والصهيونية كلها!
الثانية: التوجيه الفكري الى فكر حزب التحرير:
(نُشر هذا الفكر عن طريق التكرار والزمن من حزب التحرير والحزب الشيوعي وحزب البعث والناصريين وكل الاحزاب الاشتراكية بلا استثناء)
وللتعريف بحزب التحرير فهو باختصار حزب ماركسي يرفع شعارات اسلامية ولا تختلف أفكاره عن الافكار الماركسية بصهيونيتها واشتراكيتها.
ان فكر حزب التحرير يدور حول فكرة رئيسية هي فكرة “الخلافة” واعادة حكم الله الى الارض، هذه الفكرة ولو ان وجهها جميل وشعار مقبول الا انه يحمل في طياته كل المصائب التي ابتليت به امتنا سياسيا! ولكن ماذا فعلت هذه الفكرة في الحركات الاسلامية؟
اليكم النتائج باختصار:
اولا عدم قبول أي نظام حكم عربي اسلامي واعتبارها دول كفر معادية ولا تحكم بما انزل الله!
ثانيا اوجدت عشرات الآلاف من الاحزاب والتنظيمات والتوجهات في المجتمعات الاسلامية!
ثالثا ادى هذا الى تقسيم الامة وجعلها اقليات وشيع متناقضة متنافرة ضعيفة ركيكة بعيدة كل البعد عن العلم واظهرت فكر الخوارج بسرعة.
رابعا تحالفت تلك القوى في كل زمان مكان مع القوى الماركسية خصوصا الايرانية منها ضد الدول العربية الاسلامية (خصوصا السعودية والاردن) وضد الدول التي تعادي الماركسية خصوصا منها قوى الغرب الديمقراطي.
خامسا ظهرت الحركات الارهابية التكفيرية المسلحة التي تطالب باغتصاب السلطة بالقوة والدموية من الانظمة التي تعادي الماركسية.
النتيجة النهائية: الحركات الاسلامية اصبحت في خندق واحد مع الماركسية ضد اعداء الماركسية!!
(هناك وسيلة ثالثة مهمة من ضمن عشرات الوسائل هي استغلال التهجير ومعاناة اللاجئين ودس العملاء التوجيهيين بينهم لدفعهم نحو الايمان بالعقائد الماركسية ومعاداة اعدائها، لكن هذه النقظة تحتاج الى مقال خاص لارتباطها بأكثر من ميزة توجيهية)
الآن نظرة سريعة الى النقطتين السابقتين نخلص الى نتيجة مهمة جدا وهي ان الاسلاميين اصبحوا مقتنعين بالفكر الماركسي من ان حل مشاكلهم هي السيطرة على السلطة التي يمتلكها اعداء الماركسية بكل شكل ممكن والشعار هو “تطبيق حكم الله” -بزعمهم- وهذا ما سيأتي بالخير العميم!
المقال التالي: الماركسية وتوظيف الحركات الاسلامية: آليه العمل التنظيمي وتوجيه الجماهير للسيطرة على الحكم.