هل محور دول الاعتدال السني كان مذموما أم محمودا في تأييد الانقلاب على مرسي؟

يقول البعض: لا يجوز للدول السنية المعتدلة (السعودية والأردن والإمارات) ان تؤيد الانقلاب العسكري ضد مرسي في مصر مهما كانت الاسباب.

قلت: هذا الكلام على إطلاقه هكذا مخالف لمقاصد الشريعة وقواعدها وفقه الموازنات.
فمن القواعد الاصولية الشرعية يا من تؤمنون بوجوب تحكيم الشريعة:
(الضرر يُزال)
(تحقيق المقاصد أولى من النظر إلى الوسائل)
(الشريعة مبناها على جلب المنافع وتكثيرها ودرء المفاسد وتقليلها)
(دفع المفسدة الكبرى بالمفسدة الصغرى)
اقول: تبين لنا أن قاعدة المصالح والمفاسد تخضع لها أحكام الدين والدنيا كما تقرّر شرعاً, ولا يندّ عنها حكم من الأحكام سواء كان شخصياً أم جماعياً، سواء تعلق بالمسلمين أم بالكافرين, وسواء تعلق بالمعاملات أم بالسياسات والانقلابات، وعليه يتقرر ما يلي:

1. أن يكون الانقلاب على مرسي من أمور الدين فتخضع أحكامه لقاعدة المصالح والمفاسد. وعليه فمرد الأمر إلى أهل العلم في إثبات كونه مصلحة أو مفسدة في ذلك الزمن وتلك الحالة.

2. ألا يكون الانقلاب على مرسي من امور الدين – ولا يقول بهذا عاقل، فيكون من أمور الدنيا وهي كذلك خاضعة لقاعدة المصالح والمفاسد.

3. ألا يكون الانقلاب على مرسي من الدين ولا من الدنيا, ولا يقول بهذا عاقل كذلك.

إذ الأمر كذلك: وجب علينا النظر في مصالح الانقلاب ضد مرسي ومفاسده.
فإذا اتفقنا على ان مفاسد الانقلاب اكبر من مصالحه، او ان الانقلاب سيترتب عليه مفسدة أعظم. وجب علينا الاتفاق جميعا على رفض الانقلاب بعد ان حصل وكذا الدول السنية.
اما إذا كانت مصلحة الانقلاب اكبر من مفاسده، او ان مفسدة الانقلاب اقل من مفسدة استمرار حكم مرسي، او بعبارة أخرى اذا كان الانقلاب على مرسي يدفع عن مصر مفسدة أكبر أو ان الانقلاب يقلل المفاسد على مصر. فعلينا جميعا إذا كان الامر كذلك على ان نتفق على تأييد الانقلاب بعد ان حصل. وعلى اقل تقدير يلزمنا ان لا نذم المؤيدين للانقلاب أو التنقيص منهم، وإلا فإننا نكون قد رمينا بمقاصد الشريعة من خلف اظهرنا، ولا يقبل بهذا مسلم راشد.

فهل الانقلاب على حكم مرسي مصلحة ام مفسدة؟
كيف سنحدد ذلك؟
من وجهة نظري أن الرئيس مرسي قد بدأ مشوار نقل مصر في التعامل من المعسكر الغربي وحلفائه من الدول السنية المعتدلة (اليمين)، الى المعسكر الشرقي الاشتراكي (اليسار) واكبر حليف له هي إيران. اي يكون بهذا قد عرض الضرورات الخمس للشعب المصري المسلم للهدر سواء كلها ام بعضها، وهذا الامر يصنف تحت باب المفاسد الكبرى. بينما التعامل مع الدول السنية المعتدلة او الغرب (اليمين) لا يهدد هذه الضروارت الخمس سواء كلها ام بعضا منها فضلا عن احترامها.

ألم يتعاطف الصحابة رضي الله عنهم مع الروم ضد الفرس؟ فكيف نعيب إذن على الدول التي فرحت لانقطاع مصر عن المشروع المجوسي الصفوي علما بان هذا المحور هو الاخطر على الاسلام وعلى الضرورات الخمس من ذلك المحور بلا شك.

النتيجة هي أن مصلحة الانقلاب على حكم مرسي اكبر من مفاسده، او مفسدة الانقلاب كانت اقل من مفسدة استمرار حكم مرسي، او بعبارة أخرى الانقلاب على مرسي دفع عن مصر مفسدة أكبر، او انه قلل من المفاسد على اقل تقدير.

وبهذا اعتقد بأنه لا يسع اي رجل يؤمن بان مصر مرسي كانت تسير باتجاه إقامة علاقاتها بالمجوس الصفوية الخمينية وباتجاه المحور الاشتراكي، وأنه بالانقلاب عادت للحضن السني، اعتقد بأنه لا يسعه، بل يوجب عليه الفرح لما حدث؟
اما من كان منا لا يدرك بان مصر مرسي كما قلت، فله في رأيه وجهة نظر محترمة.
اذن وجب علينا ان نتفق على هذه النقطة الجوهرية التي هي من الثوابت في اصدار الاحكام. نقطة تحول مصر من اليمين الى اليسار.
والحمد لله رب العالمين
20/7/2013

Scroll to Top