لست مع عزل الرئيس مرسي ابتداء وقد كتبت في ذلك كثيرا, أما وقد تم عزله فلست مع إعادة فرضه بالقوة الناعمة ولا القوة الخشنة وخاصة على طريقة الاخوان المسلمين الجهادية بالمال والنفس لفرض عودته، مهما ادعوا عكس ذلك.
هذا وقد شهدنا تحركا بيّنا للدول السنية لتأييد عزل الرئيس مرسي المنتخب عن سدة الحكم وخاصة السعودية منذ الساعات الاولى لهذا العزل بل كانت السعودية هي اول دولة عبرت عن رضاها لما حصل في مصر. فقد بات من الملفت للنظر بأن هجوما شرسا يمارس ضد السعودية خاصة والأردن ودول الخليج عامة تقوده تيارات قد خسرت الرهان في مصر وأخرى تتميز بالعداء التقليدي للسعودية سواء كانت يمينية ام يسارية.
ولكي ندرك سر المؤامرة التي تحاك حاليا ضد السعودية بسب موقفها الداعم للجيش المصري لا بد من التذكير بأن السعودية بتأييدها هذا قد اعربت فيه عن موقفها الحقيقي الرافض للخطة الخمسينية الايرانية الخمينية التي بدأت تحاصر كثيرا من الدول الاسلامية حتى وصلت الى مصر مؤخرا وخاصة بوصول حكم الرئيس مرسي. وبهذا العمل وإذا استمر الحال على ظاهره ولم يكن هذا الانقلاب مفتعلا بين السيسي ومرسي، او من جهات اخرى. فانه من المرشح ان تعود مصر الى معسكر الدول السنية مبتعدة عن المعسكر الشرقي الرافضي اليساري (محور موسكو الصين ايران).
وهذه العودة المتوقعة لمصر للحضن السني ـ ان استمر الحال هكذا وبدون مفاجئات ـ تقلق اليسار عموما وإيران خصوصا. فقد مرت مصر بمثل هذه الحالة بعد مقتل الرئيس اليساري جمال عبدالناصر، حين استلم الحكم الرئيس انور السادات اليميني الصديق للسعودية والأردن ودول الخليج، والعدو لليسار حيث قام بحركة ذكية ادت الى فصل مصر عن الاستعمار والاستعباد الماركسي اللينيني لصالح الدول السنية المعتدلة.
وما اشبه اليوم بالبارحة، فما ان بدأت بوادر عودة مصر للحضن السني من خلال عزل الرئيس مرسي الذي كان قد قلب علاقات مصر من اليمين الى اليسار، حتى انهالت قوى اليسار والرافضة الخمينية ومن تأثر بهم من إخواننا من اهل السنة بالتحريض ضد السعودية ووصفها بأبشع الاوصاف.
فهل من اهداف هذا الانقلاب العسكري ضد مرسي اعطاء دفقة أو جرعة قوية تحريضية جديدة ضد السعودية وشحن الانفس الغثائية ضدها تمهيدا للقضاء عليها؟
اليكم هذه الشهادة من المفكر المصري اليساري سابقا الدكتور طارق حجي تبين كيف كان قد ادرك حركة اليسار وغضبه بعد مقتل الرئيس المصري عبدالناصر وما تلاه من تحول مصر من اليسار الى اليمين، وكيف كان تصرفه وقتها ضد السعودية باعتبارها معقلا للفكر الديني، يقول الدكتور طارق حجي في كتابه ((تجربتي مع الماركسية))، (ص196)، ومن بعدها:
” تلك الأيام التي قضيناها خلال السنوات ما بين سنة 1967وسنة 1972 في اتصال مستمر بالتجمعات الشيوعية المصرية.. فقد لفت انتباهنا في تلك الفترة أن قيادات اليسار المصري, كانت لا تدع مناسبة تمر دون التعريض بالمملكة العربية السعودية, ودون الهجوم المرير عليها.
وما أكثر الأحاديث التي أنصتنا لها ساعات طوالاً من رؤوس الإعلام المصري ذوي التاريخ الشيوعي عن الضرورة اللازمة لمناهضة ومحاربة النظام السعودي بوصفه معقلاً للفكر الديني (الرجعي) في منطقة الشرق الأوسط والعالم العربي..
وقد لفت انتباهنا وقتذاك أن أنفُس القيادات الشيوعية المصرية تكتظ بالكراهية والمقت الشديد بصفة تكاد تكون شخصية تجاه المملكة العربية السعودية.
وعندما توفي عبد الناصر وتولى أنور السادات الأمر بعده… عندما حدث ذلك, أخذ قادة التنظيمات الشيوعية المصرية يركزون في اجتماعاتهم.. على مخاطر التعامل السياسي مع المملكة العربية السعودية, وما قد يؤدي إليه من استشراء التيارات الرجعية (أي الدينية طبعاً). وفي سنوات لاحقة, وأثناء عملنا بالتدريس الجامعي بكليات العلوم القانونية والاقتصادية والسياسية بالجامعات الجزائرية والمغربية ـ لأكثر من ست سنوات ـ لاحظنا أن نفس النبرة الهجومية على المملكة العربية السعودية وبنفس المبررات والمنطلقات تسود وتتكرر في دوائر التنظيمات الشيوعية” أ هـ.
هذا هو موقف اليسار من عودة مصر للدول السنية قديما، وهذا موقفهم من بوادر عودتها للحضن السني اليميني مرة أخرى. فهل من معتبر، يدرك سر تلك الهجمة الجديدة ضد السعودية باعتبارها معقلا للفكر الديني؟.
ولا يعني ان السعودية هي كاملة الأوصاف، بل قد اعتراها المرض والنقص كغيرها من الدول السنية عبر التاريخ مثل الدولة العباسية ودولة المماليك، والدولة العثمانية وخاصة في أواخرها. ونتمنى ان تنتبه القيادات في الدول السنية للتداعيات السلبية الناجمة عن عزل الرئيس مرسي وتداعيات دعهمهم السخي لإنقاذ مصر ـ وهذا امر حسن ـ والعمل على تجنب تلك التداعيات السلبية بحركة سريعة تحبط من خلالها المكر السيئ الذي يقوده اليسار وايران ومن خلفهم الصهيونية العالمية. قال تعالى: (ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله).
والحمد لله رب العالمين. 14/12/2013
عدنان الصوص