الخروج على ولاة أمر المسلمين على أقوال، أبرزها:
1- عدم الخروج مطلقا، مهما صدر من الحاكم من منكرات تصل إلى حد الكفر البواح. وهؤلاء يوصفون بـ (المرجئة).
2- جواز الخروج على الحكام مطلقا، مهما كانت معصيتهم صغيرة، أم كبيرة. وهؤلاء هم (غلاة الخوارج).
3- عدم جواز الخروج على ولاة أمر المسلمين مهما ظهر منهم من المعاصي سواء في أنفسهم، أم في ظلمهم للرعية، ما لم يظهر منهم الكفر البواح، فإن ظهر وجب الخروج.
وبسط هذه المسألة كبير يحتاج إلى تفصيلات أخرى، ولكن ما لا يدرك كله لا يترك جله. فأود أن أقدم من خلال حديث رواه البخاري يجمع بين الأقوال أعلاه وينصف ولي أمر المسلمين، وينصف المسلمين، فليس في هذا الحديث للمرجئة حجة، ولا لغلاة الخوارج برهان. كيف؟
روى البخاري بسنده عن جنادة بن أبي أمية قال : ” دخلنا على عبادة بن الصامت وهو مريض قلنا أصلحك الله، حدث بحديث ينفعك الله به سمعته من النبي صلى الله عليه وسلم، قال: دعانا النبي صلى الله عليه وسلم فبايعناه، فقال فيما أخذ علينا أن بايعنا على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا وأثرة علينا، وأن لا ننازع الأمر أهله إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان”.
فوائد الحديث:
1- وجوب السمع والطاعة لولي أمر المسلمين.
2- الطاعة لولي الأمر تسرى في كل أحوال المسلمين في المنشط والمكره. أي: في حالة نشاطكم ووجود ما تحبون، ووجود ما تكرهون من ضنك العيش وضيق النفس.
3- الطاعة لولي الأمر تسري في كل أحوال المسلمين في اليسر والعسر. أي: في حالة الغنى ورغد العيش، وفي حالة الفقر والجوع والعوز. فأين نحن من هدي النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك، وما حكم من ينازعون ولاة أمر المسلمين لهذا السبب؟.
4- الطاعة لولي الأمر تسري في حال الأثرة على المسلمين من الحكام، ومعنى قوله: و”أثرة علينا”. أي: وإن استأثر ولاة الأمور، فلم ينصفوك ولم يعطوك حقك، كما في الصحيحين عن أسيد بن حضير رضي الله عنه أن رجلًا من الأنصار خلا برسول الله ، فقال: ألا تستعملني كما استعملت فلانًا؟ فقال: «إنكم ستلقون بعدي أثرة، فاصبروا حتى تلقوني على الحوض». أنظر الى الوصية النبوية المتمثلة بدعوتنا الى الصبر حتى تخرج الروح. وهذا كما في الصحيحين عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله : «إنها تكون بعدي أثرة وأمور تنكرونها» قيل: يا رسول الله كيف تأمر من أدرك منا ذلك؟ قال: «تؤدون الحق الذي عليكم، وتسألون الله الذي لكم». فوجود الأمور المستنكرة شرعا من الأنظمة الحاكمة لا يلغي عقد البيعة من عنق المسلم، فهل نحن نأخذ بهذه الوصية الآن؟ البعض منا، ولكن الأكثرية تجنح الى الثورية والخروج خارجين بذلك عن هدي النبوة والشريعة.
5- يجوز منازعة الأمر أهله والخروج على الحكام في حالة واحدة فقط، بل يجب وهي: ظهور الكفر البواح من ولي أمر المسلمين. ولاحظ كيف أكد النبي على وجود هذه الحالة حقيقة لا تأويلا، بقوله: “عندكم من الله فيه برهان”. وهذا الفهم يضرب كل من أوجب الطاعة لولي الأمر مهما صدر منه حتى لو كان كفرا بواحا عندنا من الله فيه برهان. وهؤلاء بهذا الفهم قد خالفوا هدي النبي صلى الله عليه وسلم، وهؤلاء بذلك يوصفون بالمرجئة في مسالة الخروج على الحاكم. وهذا الفهم يضرب كذلك فهم الخوارج لمسألة الخروج على ولاة أمر المسلمين.
استنتاجات مهمة جدا:
أننا من خلال ما ورد أعلاه من بيان لأحكام الخروج على ولاة أمر المسلمين، نلاحظ ما يلي:
1- أن اشد الناس عداوة للمؤمنين (اليهود) وما تفرع عنهم من الشيوعيين والاشتراكيين والخمينيين أتباع الخميني، والمقنّعين بالليبرالية، كل هؤلاء الأعداء ومعهم كل من حزب التحرير والمفتونين بثورة الخميني يتفقون بالرأي مع القائلين بوجوب الخروج على الحكام مطلقا، مهما كانت معصيتهم صغيرة، أو كبيرة. وهؤلاء هم (خوارج العصر)، بل تجدهم يدعمون الخوارج ويمدونهم بالوسائل المتاحة لتسهيل خروجهم على العصاة من ولاة الأمر من المسلمين.
2- أن أشد الناس عداوة للمؤمنين (اليهود) وما تفرع عنهم من الشيوعيين والاشتراكيين والخمينيين اتباع الخميني ، كل هؤلاء الاعداء ومعهم كل من حزب التحرير والمفتونين بثورة الخميني، يعارضون من يقول بعدم جواز الخروج على ولاة أمر المسلمين مهما ظهر منهم من المعاصي سواء في أنفسهم، أم في ظلمهم للرعية، ما لم يظهر منهم الكفر البواح، فإن ظهر وجب الخروج.
3- نلاحظ بأن الشيوعيين والخمينيين وحزب التحرير وكل من تأثر بأفكار هؤلاء، يمتدحون الدعاة والمفكرين الذين يقولون بفقه الخوارج أعلاه ويروجون لهم بيننا كي ينتشر فكرهم، وفي نفس الوقت يذمون الدعاة والعلماء والمفكرين ممن لا يرون الخروج على ولاة أمر المسلمين ما لم يظهر منهم الكفر البواح، ويشهّرون بهم وينعتونهم بأقبح الصفات سعيا منهم لتحييد هؤلاء العلماء أو إسقاطهم كي يسود أولئك أصحاب فكر الخواج، فتنتشر حينها فينا وفي بلادنا الفتن والمحن باسم تغيير المنكر، وذلك لا يمكن أن يكون إلا بمخالفتنا لمنهج الإسلام في التغيير القائم على تغيير ما بالأنفس بما يحب الله تعالى ويرضاه، والقائم كذلك على الصبر على جور الأئمة وولاة أمر المسلمين إلا أن نرى الكفر البواح الذي لا يحتمل تأويلا كما يفعله الخوارج، إذ يستدلون بكفر بعض الأئمة بما يرونه بتأويلاتهم الفاسدة كفرا وما هو بكفر، كترك الصلاة، وعدم الحكم بكل ما أنزل الله مع الإيمان بوجوب تحكيم شرع الله، وكتكفيرهم لكل من رشح نفسه للبرلمان أو قام بالانتخاب، وبعضهم يكفر المرشَّح نفسه دون المرشِّح لغيره.
4- كيف يتحقق النصر والتمكين لهذه الامة وهي توافق في أسلوبها وفهمها لمسألة التغيير (اليهود والذين اشركوا) من الشيوعيين والخمينيين، وفي نفس الوقت تذم الموافقين في فهم مسألة التغيير لما ورد بالكتاب والسنة؟ أعتقد بأننا نسير بهذا الفهم في الاتجاه المعاكس الخطير جدا، لذا وجب علينا العودة إلى الدين فهما وتطبيقا قبل أن نلحق بالدجال الأكبر الذي هو مسيح اليهود المنتظر، ومهدي الرافضة المنتظر.
قال الله تعالى: (أفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ).
والحمد لله رب العالمين. في 8/3/2013