مشكلة مبادرة الخطيب هي أنها تبدو كاستجابة لمبادرة الأسد، بدل الاستجابة لمبادرة الإبراهيمي، فهي أفضل كثيرا، فعلى الأقل فيها حكومة انتقالية بصلاحيات كاملة! أليس هذا إنجازا لا بأس به؟ خاصة إذا حصلت على قرار أممي ملزم.
لماذا ترك الخطيب مبادرة الابراهيمي ثم خرج بمبادرة أقل فائدة؟ فإذا كان يريد حقن دماء الأحياء، فأيضا لماذا نضيع كل ثمرة الدماء التي ذهبت؟ خاصة أنه يوجد مبادرة دولية ولسنا مضطرين للاستجابة لحوار بشار؟
لكن الفرق كبير بين حوار هيثم مناع الهادف لبقاء النظام، وبين حوار الخطيب الذي هدفه حقن الدماء، لكنه تنازل كثيرا جدا، أما مبادرة الإبراهيمي فهي وسطية وتنازلاتها أشبه بصلح الحديبية، الذي كان فيه تنازلات قاسية لكن الصلح في النهاية كان لصالح الإسلام على المدى البعيد، وهكذا أتوقع إذا تمت مبادرة الإبراهيمي إن شاء الله.
إن الاستجابة لمبادرة الإبراهيمي سوف تعيد للثورة الدعم الدولي لها، وسوف تحشر داعمي النظام في الزاوية، كما أنها تفتح الأفق لإسقاط النظام ولو تدريجيا في جولات أخرى، أليس هذا أفضل من الاستسلام أو الحوار؟ وأفضل من استمرار القتال حتى إسقاط النظام كاملا لكن مع أنهار دماء وتدمير أكثر لسوريا؟ هذا إن سقط.
إن التفاوض والتنازلات من حيث المبدأ ليست دائما خطأ، خاصة إذا تم اقترانه بسياسة خذ وطالب، أي دعونا نحصل على ما تعطيه لنا مبادرة الإبراهيمي من مكاسب، ولنكمل تحقيق مطالب الثورة في جولات أخرى، هكذا فعلت كثير من الشعوب الناجحة، الأكراد مثالا، أما رفض المكاسب لأنها جزئية، فقد يؤدي إلى فقدان كل شيء.
كما يجب أن يكون للمبادرة أيضا بدائل عملية لما يجب فعله إذا رفض النظام الاستجابة، وقد أحسن الخطيب في لقاء آخر له بالمطالبة بقصف عسكري لمراكز النظام، هكذا يجب أن يكون العمل، تفاوض حقيقي من أجل تحقيق مكاسب حقيقية، وتظاهرات شعبية مستمرة، وحمل للسلاح النوعي مدعوما بالتدخل العسكري، لإجبار النظام على تطبيق المبادرات الجادة للدخول في مرحلة انتقالية تنتهي تدريجيا بإسقاط كامل للنظام ومعاقبة جميع القتلة والمجرمين ولو على مراحل.