(لا يلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين) الحديث.
نحن في الأردن نقف على بعد ثلاثة أيام من موعد الانتخابات البرلمانية للمجلس السابع عشر، ومهما قيل قبل هذا التاريخ ومهما راهن البعض ابتداء أو عملوا على فشل إجراء هذه الدورة الانتخابية إلا أننا بتنا نقف على باب مجلس النواب السابع عشر وننتظر بدء دورته.
هذا أما وقد أوشك هذا البرلمان على أن يكون واقعا مهما قيل فيه من قدح أو مدح أو شراء للأصوات والذمم في سوق النخاسة (للأسف)، فعلينا أن نتعامل مع هذا الواقع بإجابية وفاعلية، مطالبين من اُفْرِزوا بالقيام بواجباتهم والخوف من الله تعالى وتغليب مصالح الوطن والدين على ما دون سواهما. وألا نبقى متخندقين في صف المعارضة لأجل المعارضة ولَيّ ذراع الحكومة والبرلمان بما لا طائل منه بحجة أن هذا البرلمان متفق عليه ومباع قد عمل فيه المال السياسي ما عمل.
ومع شجبنا جميعاً لهذه الموضة، موضة التلاعب بالأمانة بيعا وشراء سواء من النواب أومن المواطنين أو من غيرهم، علينا أن نتذكر أنه لا يوجد في الدنيا برلمان لا يخلوا من فساد، سواء كان في بلاد أقصى اليمين أم في بلاد أقصى اليسار. أمّا ما جرى يجري من فساد في إجراء الانتخابات في الدول اليسارية فمعلوم ومجرب وليس بحاجة إلى توقعات كونه حقيقة واقعة. ولكن الأمر المفاجئ للعقلاء هو وقوع اليمين الإسلامي فيما وقع به الآخرون الذين لم يرفعوا يوما شعار (الإسلام هو الحل) في حياتهم السياسية قط. فكلنا قد علم بمفسدة استعمال المال السياسي أو التأثير القهري على سير انتخابات مجلس شورى الإخوان المسلمين قبل الأخير مما دفع ببعض قياداتهم بطلب إلغاء المجلس وإجراء انتخابات حرة ونزيهة على حد تصوراتهم، فكان الأمر كما أرادوا ونجح الحمائم بالجولة.
من خلال تجاربنا مع اليسار أو اليمين فإننا نصل إلى نتيجة أنه لا سبيل إلى برلمان نزيه كما نتصور، فإذا كان (أصحاب اليمين) قد مارسوا فيما بينهم الفساد الانتحابي فكيف بغيرهم ممن هم دونهم في الدين، وكيف بهم، أي: (أصحاب اليمين) لو استلموا الحكم في الأردن وماذا سيفعلون بالديموقراطية وبقانون الانتخاب؟
لهذا علينا أن ندرك أن الخلل يعود للمجتمع برمته سواء اليمين أم اليسار أم الوسط، مذكراً في هذه المناسبة توقيف عدد من النواب على ذمة التحقيق في جريمة استخدام المال السياسي في حملاتهم الانتحابية ومنهم من هو محسوب على الوسط أو الحكومة أو المعارضة.
وعليه، فإن ما نمر به من تجارب وممارسات سلبية تصدر من كافة الفئات حكومة ومرشحين وناخبين ومخابرات، ويسار ويمين، وكل بحسبه ونسبته، يجب أن يدفعنا إلى العمل الإيجابي الفاعل البناء بدلا من القيام بالتفرج أو الاكتفاء بالنقد الهدام، وهذه الخطوة العاقلة لا بد منها لحين الوصول من خلال الدعوة والدعاء لمجتمع يحبه الله تعالى ويرضاه، ذلك المجتمع الذي به نسعد في الدنيا والآخرة وينصلح به الحال السياسي والاقتصادي فضلا عن غيرهما.
قال الله تعالى: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ). والحمد لله رب العالمين.
20/1/2012