كلما طالت الثورة السورية وكلما ازداد الوضع سوءا، كلما كانت هذه الثورة أكثر أهمية وضرورة وكلما كانت “محرزة” أكثر، قد تكون الثورة الحقيقية الأم على مستوى الأمة بأكملها، وليست مجرد “ثويرة” مثل ثورة تونس ولا ثورة غوغائية في ميدان التحرير المصري، كما أنها ثورة اضطرت لتكون “زنقة زنقة” في كل سوريا مستلهمة شرارة الثورة الليبية الحقيقية، كما أنها اضطرت لتكون أقوى بسبب خذلان الناتو لها، وهي أيضا شاملة ضد كافة قوى الشر الإيرانية والروسية والإسرائيلية، وفضحت حقيقة بعض الدول العربية التي أيدت مجازر الأسد مثل الجزائر، كما تفضح التخاذل الغربي السخيف دون أن تصنع مع الغرب عداء بلا ضرورة، وهي تدعو بقوة الأمة العربية شعوبا وحكاما إلى النهوض.
كما أن الثورة في العراق هي بنت الثورة السورية وليست بنت ثورات تونس ولا مصر السطحية، هذه الثورة في سوريا ليست غوغائية التصدير كيفما اتفق مثل الثورة التونسية، إنها تنتقل للشعوب القابعة تحت نير الاحتلالات الايرانية والروسية، كما تجعل الشعوب والدول العربية غير الخاضعة لإيران وروسيا يسرعون للاتحاد والتقوي والإصلاح والاستقلال أكثر عن السياسات الغربية التي أصبحت ضعيفة شبه عاجزة، لمواجهة مخططات إيران وروسيا والصين الإجرامية، هذه هي ثورة التغيير العربية الحقيقية برأيي.
توجد كثير من الأخطاء في هذه الثورة من بدايتها وحتى الآن، مثل ضعف التخطيط وقلة التركيز على إصلاح الشعب نفسه، وقلة العناية بتقليل التكاليف الفادحة، وربما كان هناك أسلوب أفضل لتكون نتائج الثورة وسيرها أفضل، مع ذلك فهي نجحت في تخطي كثير من الصعاب الداخلية والمؤامرات والألاعيب الخارجية، لكن بثمن فادح جدا، فهي لم تكن مثالية في وعيها فوقعت في بعض المطبات، مع ذلك هي قابلة للإصلاح، وتُعتبر غير مسبوقة في مستواها الفكري السياسي، حيث أسقطت دجلية المقاومة، واستمرت في تحدي مخططات إعادة انتاج النظام والالتفاف على الثورة، وأكبر تحدي يواجهها هو التخلص من طريقة تفكير النظام الذي ورثت جزءا منه، مثل استعداء الغرب الذي هو فكرة بعثية وإيرانية وروسية بامتياز، وغيرها من أفكار بعثية مترسبة في اللاوعي الجمعي.