هل كل هذه المجازر نتيجة شعار “على الجنة رايحين شهداء بالملايين”؟

سؤال خطر ببالي: في قصة سيدنا يوسف عليه الصلاة والسلام يقول بعض المفسرين بأنه دخل السجن لأنه قال “رب السجن أحب إلي” ، وأنه لو قال مثلا: “ربي نجني منهنّ ومن السجن” لنجا من الفتنة ومن السجن أيضا.

كذلك في قصة إيمان سحرة فرعون، وهو عمل سلمي تماما وغير سلبي ولا استفزازي ولا يعطي فرعون أدنى مبرر بقلتهم، لكن عندما هددهم بالقتل والتقطيع من خلاف، فقالوا “فاقض ما أنت قاض…”، فقلتهم، ولكن ربما لو قالوا اللهم نجنا من فرعون لربما نجاهم مع بني إسرائيل، قياسا على ذلك الرأي في قصة يوسف.

في قصة الغلام والطاغية وأصحاب الأخدود، لعدة مرات كان الطاغية يريد قتل الغلام، فكان في كل مرة يدعو على رجاله “اللهم اكفنيهم بما شئت” فينجو، لكنه قرر الاستشهاد طواعية آخر مرة، فاستشهد في مشهد أمام أهل القرية فآمنوا بالله، أما أهل القرية بعد ايمانهم فيبدو أنهم مع رفضهم العودة للكفر إلا أنهم استسلموا للحرق، فهل لو أنهم دعوا الله ينجيهم أيضا من الحرق لكان أنجاهم؟ أم هو ثمن حتمي يجب دفعه؟ وأين هذا من مبدأ أن الإيمان والتوبة تجب ما قبلها؟

أما في قصة الثورة السورية فربما يكون تركيز القتل أكثر على أهل المناطق الأكثر تأييدا للنظام قبل الثورة، مثل الرستن وحمص ودرعا وربما دير الزور، ويبدو الأمر كأن القتل الحاصل بعد صحوة الشعب هو ثمن لإسقاط النظام وأخطاء الماضي، ولكن بما أن التوبة تجب ما قبلها، فهل لو توجهت قلوب الشعب السوري بصفاء نية وتضرع إلى الله أن ينجيها من استمرار القتل لحصل ذلك؟

لكن للأسف ما حصل في بداية الثورة هو انتشار شعارات “الموت ولا المذلة” و”على الجنة رايحين شهداء بالملايين” فهل هي مثل مقولة سيدنا يوسف عليه السلام “رب السجن أحب إلي” وهل لو أن الشعب قال “رب نجينا من بشار وجنوده وأهلكهم” لكان سقط النظام ونجوا من هذه المجازر؟ هل هذا ممكن؟

هذه ليست مجرد قضية إيمانية على أهميتها الكبيرة في تحديد مصير الثورة والشعب السوري، ولكن أيضا هي قضية تحديد وتخطيط ورسم لمسار الثورة السورية، فعندما يكون الشعار هو مثلا “يا درعا نحن معك للنصر” أي سيكون النصر هو الهدف الأول، فهذا يختلف كثيرا نتائجه على الأرض عن شعار “يا درعا نحن معك للموت” وكأنه يوجد يأس من النصر على هكذا نظام معروف بشدة إجرامه وبطشه، فيتم وضع الموت هو الهدف للحيلولة دون العودة للذل تحت حكمه، ولكن مهما يكن هذا الطاغية ومن يدعمه من دول كبرى موغلين في البطش والإجرام، فيجب الإيمان بقدرة الله تعالى على أن ينصر الشعب السوري عليه ويسقطه كما أسقط من كان قبله، وكثيرا ما كان الشيخ عدنان العرعور يناشد الثوار بالتوقف عن الهتاف بشعار “نحن معكم للموت” واستبداله بشعار “نحن معكم للنصر” تفاؤلا بالنصر.

وتفاءلوا بالخير تجدوه…

هل كل هذه المجازر نتيجة شعار “على الجنة رايحين شهداء بالملايين”؟
تمرير للأعلى