لا أحد بمقدروه أن ينكر دور قناة الجزيرة في خدمة الثورة السورية ونقل الحقيقة، لكن هذه التغطية للاسف ممنهجة في قالب سياسي، ومن تابع الثورة من البداية يتذكر أن الجزيرة في أول شهر كانت تغطيتها معدومة للأحداث، لدرجة أن كثيرا من المقالات وحتى المظاهرات أصبحت تخوّن الجزيرة، ولما وصلت لقناعة أن الثورة بدأت تكبر، عندها بدأت تغطي الأحداث حفظا لمصداقيتها ومن أجل أن لا تصبح خارج اللعبة مع تقدم الأحداث، ولا ننسى أيضا تحيّز الجزيرة لأنظمة المقاومة المزعومة قبل الثورة، مقابل تضيخم أخطاء أنظمة الاعتدال العربية التي مواقفها من الثورة السورية أفضل من دول المقاومة.
في ثنايا هذه التغطية هناك الكثير من الملاحظات
رغم أن تغطية الجزيرة أكبر من ناحية الكم والتهييج العاطفي، فهي إلى حد ما فقيرة بالفوائد المهمة والضرورية على صعيد النوع والجودة، فمثلا لماذا قناة الجزيرة لا تزال تناقش كثيرا موضوعات قد أصبحت قديمة مثل الإصلاحات والدستور؟ ولماذا يكون القاتل والضحية في نفس الكفة في اختيار مواضيع برنامج الاتجاه المعاكس مثلا؟ لماذا لا يكون الموضوع مواكبا لسير الثورة مثل: هل سيحكم سوريا الإسلاميون أم الديمقراطيون بعد سقوط النظام؟ أو هل اسرائيل تدعم بشار؟
تلاعب بثورة الشعب السوري وحرفها عن مطالبها
لقد كانت كثيرا ما تركز في تقاريرها الإخبارية على تمجيد خطابات منصف المرزوقي ونبيل العربي وبرهان غليون، الذين يطالبون بالحل السياسي الذي من المستحيل أبدا أن يحصل مع هكذا نظام لا مثيل له في الإجرام إلا نظام القذافي، وقد أكثرت سابقا من الترويج لمؤتمر هيئة التنسيق بقيادة هيثم مناع، وحاولت أن تحيد عن مطالب الشعب السوري الراسخة منذ عدة أشهر بالحظر الجوي والمنطقة العازلة ودعم الجيش الحر، ومن الغريب أنها لم لم تذكر خبر انسحاب وزير الخارجية السعودي ومطالبته بتسليح الجيش الحر!! وهي الطريقة الوحيدة الممكنة لإسقاط هذا النظام، وهذا غريب جدا، لأنه أنه وزير ذو أهمية تعكس أهمية دولة كبرى مثل السعودية، فلماذا؟!
إهمال بعض أخبار الثورة في حلب
تحدث كثيرون عن تعتيم الجزيرة نسبيا على المظاهرات في مدينة حلب الكبرى ومنهم أعضاء في المعارضة، ثم لاحظت في الفترة الأخيرة أنهم أصبحوا يكثرون من التقارير الميدانية، ربما لإخفاء هذه الملاحظات، لأن هذه التقارير تصب في خانة الكم أكثر من خانة النوع، ثم أصبحوا يتحدثون في الفترة أكثر قليلا عن المظاهرات في حلب، قد يكون للتغطية على موضوع تسليح الثورة، الذي لا يزالون لا يتحدثون عنه بما يستحق.
أما قناة العربية فهي أيضا عليها ملاحظات أخرى، خاصة في كمية التغطية، ولكنها كانت أحيانا أفضل في تغطيتها من ناحية النوع والجودة، رغم أنها كانت هي الأخرى تكثر في بعض الفترات من استضافة بعض أعضاء هيئة التنسيق الوطنية في برامجها الحوارية لكن دون الترويج للهيئة نفسها، ثم مع افتتحاح قناة “العربية الحدث” أعتقد أن حجم وكمية تغطيتها للثورة السورية أصبحت أفضل.