هذا رجل بيده سيجارته ينفث بها الدخان من أنفه تلذذا وتكبرا، وذاك بيده مسبحة يحرك حباتها بعكس عقارب الساعة، وثالث متكئ على أريكته أو يتبطح، وكلهم يشاهد الدماء والأشلاء في مختلف الفضائيات التي أصابت الشعب السوري المسلم، وهتك الأعراض، وركل المصاحف، وهدم المساجد، وشتم الذات الإلهية، وغيره من أنواع الكفر والإلحاد، وإذ بعيونه التي هي لا زالت في رأسه ويحس بها، قد رأت يدان اثنتان اشتراكيتان حقيرتان في مجلس الأمن تطاولتا دفاعا عن نظام البطش الاشتراكي السوري، وسمع تهديدات إيران الرافضية حليفة الدول الاشتراكية، وروسيا الملحدة الشيوعية بإلحاق الهزائم بمن يمس نظام بشار، بل قرأ الخبر الذي تناقلته وسائل الإعلام بدعم روسيا الاشتراكية له بمختلف الصواريخ وطائرات التجسس والبوارج الروسية المتوجهة لميناء طرطوس آخر معقل للاشتراكية العربية.
وأخيرا وليس آخرا قد سمع صاحبنا هذا وعلم بأن الذي أوصل بشار الأسد إلى الحكم هو قانون الحزب البعث الاشتراكي بعد تعيينه أمينا عاما له وما تبعها من تعديلات دستورية، وليس المقصود هنا هو الاشتراكية بمعناها الاقتصادي، بل الأهم هو بمعناها السياسي والأيديولوجي.
فإن وجود كل هذا المخطط الاشتراكي المتداعي لحماية النظام السوري الاشتراكي، وكل الأحزاب الاشتراكية المحيطة بهذا الشخص الغافل في الدول العربية والإسلامية بل وفي كل دول العالم، ووجود جيوش الاشتراكيين من الكتاب والشعراء والقصاص والوعاظ والجواسيس والموجهين والمفكرين والمحللين من حوله، وكذا وجود كثير من الأنظمة الأنظمة في العالم التي لا زالت تحكم بالاشتراكية التي تعد بالعشرات، فضلا عن مئات المواقع الالكترونية، وآلاف الصفحات الماركسية في الفيسبوك. فان وجود كل هذا وغيره الكثير من مظاهر بروز الخطر الاشتراكي وتأثيره في العالم، لم يكف صاحبنا بأن يتردد لحظة في ترديد كذبة العصر: (ماتت الاشتراكية وانتهى خطرها).
أقول لهؤلاء: لا زال أمامكم فسحة من أمل بأن تسددوا أقوالكم وتصححوا تصوراتكم الخاطئة، فلو قرأتم قواعد وقوانين لينين، أو كتاب: (البيروسترويكا) لغورباتشوف، أو كتاب: (الخطاب الشيوعي المتجدد)، أو كتاب: (الحرب الثورية الشيوعية)، أو كتاب: (الإنجيل البلشفي وهو نفسه كتاب البروتوكولات). أو كتاب: (موسكو وإسرائيل)، أو كتاب: (الأفعى اليهودية في معاقل الإسلام)، أو كتاب: (كيف ضاعت الجولان؟)، أو غير ذلك من الكتب التي كشفت عن أساليب اللف والدوران، والتراجع متى اقتضت الظروف لتحقيق قفزة جديدة للشيوعية، لأدركتم بأن ثمة برمجة فكرية تمكنت من عقولكم قد فعلت بكم فعل السحر والساحر، فقد تخيّلتم بأن عصا السحرة تسعى. وأن ظلمة الليل البهيم ضحى. فإن لم تفعلوا، وأخشى أن لا تفعلوا، فلا أملك لكم من أمري شيئا إلا الدعاء، بأن يهديكم الله تعالى للحقيقة قبل خروج الدجال خشيتة أن تفتنوا بسحره فتتبعوه. اللهم اشهد بأني قد بلّغت. 26/2/2012.