إعادة الاستيلاء على المدينة أصبح الهدف الرئيسي للقوات الخاصة في نظام بشار الأسـد
مايتي كاراسكو – حمص، سوريا – 8 – 2 – 2012
استولت الفوضى على شوارع بابا عمرو، الحي الحمصي الأكثر معاناة من قوات بشار الأسـد، التي تحاول الدخول إلى المدينة وإنهاء الاحتجاجات في أسرع وقت ممكن. ” مضى علينا أربعة أيام ونحن نُقصَف، لكن اليوم كان هو الأسوأ ” يؤكد خالد، الناشط السوري. ثمانية وعشرون ألفا من الرجال والنساء والأطفال لا يزالون محاصَرين في هذه الكيلومترات الستة المربعة، حيث لا يوجد ملجأ ممكن، وحيث تسقط قذائف الهاون بمعدل 500 قذيفة يومياً، مع مئات القناصة الذين يطلقون النار على كل ما يتحرك في أي شارع.
حسب مصادر من الجيش السوري الحر، فإن القوات الخاصة التابعة للرئيس الأسد انتقلت إلى المناطق المتاخمة لمدينة حمص المحاصَرة من أجل القيام بالمهمة القذرة. ” لا يثق النظام بجنوده. فالكثير منهم قد انشقوا فعلاً لأنهم رفضوا قتل الشعب السوري، بل إن آخرين هم من المدينة نفسها أو المناطق المجاورة لها. كيف لهم أن يطلقوا النار على أقربائهم؟ ليس لدى النظام ، في هذه الأوقات، إلا هؤلاء والشبيحة ” يؤكد خالد.
قناة الجزيرة القطرية الناطقة بالعربية تعرض صوراً التقطها أحد الناشطين للدبابات وهي تتحرك في نقطة ما من المدينة، رغم أنها لا تحدد المكان بالضبط. إن الاستيلاء على معقل المقاومة السورية تحول إلى أولوية لدى النظام، الذي لم يستطع التعامل مع الاحتجاجات التي بدأت قبل أحد عشر شهراً في مدينة درعا. ” إذا دخلوا إلى حمص، ستنتهي الثورة ” يشرح خالد. ” هذه منطقة تخلى عنها الأسـد، لم يستثمر في البنى التحتية، البطالة في حمص كانت تبلغ 37 بالمائة من السكان قبل الثورة، والآن 70 بالمائة، هناك فساد كبير ولا نستطيع الاستمرار هكذا ” يضيف خالد.
كل من شارك في المظاهـرات في هذه الأشـهر الأخيرة أُدرِجَت أسـماؤهم في ما يسـمى بـ ” القائمة السوداء “. الكثيرون مروا بالسجون، ولم يعد يمكنهم العودة إلى الوراء. إذا استطاع النظام سحق الثورة، فإنهم يخشون التعرض للقتل أو العودة إلى السجن. ” بقيتُ ثمانية أيام في سجن مخابرات القوى الجوية ” يؤكد أبو عمار. إنها القوات الأكثر رهبة إذ لديها الرخصة بالتعذيب حتى الموت.
” كنا ثلاثمائة في زنزانة بمساحة ثمانية في أربعة أمتار. لم يعطونا شيئاً للأكل خلال خمسة أيام. كان هناك مرحاض في الزاوية، لكن بدون ماء. كان معي أطفال في السنة العاشرة من أعمارهم. قيدوا يديّ وغطوا عينيّ بعِصابة، علقوني من الذراعين، ألقوا الماء فوقي وعذبوني بالصدمات الكهربائية خلال عشر ساعات “. اتهموه بالتخابر مع الموساد على الرغم من كونه عضواً قديماً في حزب البعث. ” كان عليَّ أن أدفع 2000 دولار لجعلهم يطلقون سراحي ” يؤكـد.
منذ بداية الانتفاضة وفقط في بابا عمرو، الحي الذي يقطنه ثمانية وعشرون ألفاً، قُتِل 274 شخصاً، وكان هناك 2000 جريح، كلهم تقريباً جراء طلقات القناصة. 1700 شخص فروا، و510 من المنازل تعرضت لأضرار بسبب القصف، حسبما يقول خالد. مضى على المدينة عشرة أيام وهي مطوَّقة بأكثر من 40 حاجزاً للجيش السوري، الذي حاول في سبع مرات سابقة الدخول إلى بابا عمرو، لكنه في المرتين الأخيرتين لم يستطع إخضاع الجيش الحر، الذي يحاول الدفاع عن السكان من الداخل، رغم أنه لا يملك إلا البنادق وقاذفات الآر بي جي فقط، التي لا تستطيع فعل شيء ضد دبابات النظام أو ضد قصف مدافع الهاون التي تطلق من بُعد بشكل عشوائي، بطريقة تجعل سقوط القذائف ممكناً في أية نقطة من المدينة.
رجال ونساء وأطفال يحاولون البقاء على قيد الحياة في هذه الظروف، بدون أية إمدادات. لم يبق طعام ولا وقود، و العائلات تتكدس في الطوابق السفلية وبعض الأقبية، وهم في حالة من اليأس لشعورهم بأنهم قد تُركوا وحدهم لمصيرهم، بدون مخرج. ” لديهم ثلاثة أطباء فقط ، واحد منهم جريح، والآخران منهكان ” يؤكد خالد. تحولت البيوت إلى مستشفيات مُرتَجَلَة حيث الرجال والنساء والأطفال يموتون دون عون طبي، ينتظرون الأسوأ، ويصيحون ” الله أكبر ” مع دوي كل قذيفة.
صحيفة ال باييس الاسبانية
ترجمة : الحدرامي الأميني