افتتاحية صحيفة ال باييس الإسبانية – 17 – 1 – 2012
أعلن الرئيس السوري، بشار الأسـد، عن عرض لإجراء استفتاء من أجل إصلاح الدستور في شهر آذار| مارس القادم، وانتخابات تشريعية قبل الصيف. وأصدر في نهاية الأسبوع الماضي عفواً عن ” الجرائم “، حسب وصف النظام، التي ارتكبها المتظاهرون المعتقلون خلال الاحتجاجات ضد الأسـد. تسعى هذه الوعود لتوصيل انطباع بأن الرئيس السوري يقوم بتنفيذ الاتفاق الذي تم التوصل إليه مع الجامعة العربية في ديسمبر|كانون الأول، والذي كان يهدف إلى إحلال السلم في البلاد وتسهيل عملية التغيير السياسي. لكنها في الواقع لا تعدو أن تكون مناورات ساذجة من أجل إخماد حركة معارضة لا تتراجع أمام الوحشية التي يمارسها النظام.
إن حدة القمع لم تتراجع، الأمر الذي يوحي بأن الأسـد وجد نفسه مكرَهاً على تغليف استراتيجيته الثابتة باللجوء إلى الجيش وأسلحة الحرب من أجل تحقيق هدفه، بخطاب إصلاحي مزعوم. فبعد عدة آلاف من القتلى وشهور طويلة من الاحتجاجات، كان على الأسد أن يدرك أنه لن يستطيع استعادة مظاهر الحياة الطبيعية في البلاد عن طريق القوة. لكنه كان يجب أن يدرك أمراً آخر، يؤثر على مستقبل نظامه وعلى مستقبله هو شخصياً: إنه في هذه اللحظة يفتقد أية شرعية من أجل قيادة الإصلاحات التي يعد بها، هذا على فرض أن التزامه بها كان حقيقياً وهو فرض مشكوك فيه إلى حد بعيد.
مازالت المعارضة سلمية، و إذا كان هناك من ظلال بدأت بالارتسام، فهي ناتجه عن العدد المتنامي من الجنود الذين ينشقون عن صفوف الجيش الحكومي ويظهرون تأييدهم لمقاومة مسلحة. لا يمكن لأي موقف دولي أن يطلب من المتظاهرين الاستمرار بالتعرض للموت، لكنَّ غرق سوريا في حرب أهلية سيكون مأساة للسوريين وكارثة مؤكدة لدمقرطة البلاد. لأنه إذا انتصرالأسـد، في هذه الحرب الأهلية، فسيؤدي ذلك إلى تأجيل العملية الديموقراطية إلى أجل غير محدد، وإذا انتهى مهزوماً، فلأن المعاناة التي سببتها ستجعل من التطور السياسي عملية مشروطة بمصالحة صعبة.
إن حالة الجمود التي توجد فيها اللعبة السياسية الدموية في سـوريا يمكن أن تتحول إلى حرب أهلية مفتوحة إذا استمر المجتمع الدولي في إخفاقه في الخروج من حالة العجز عن إجبار الأسـد على تنفيذ ما طلبه منه الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون: ” توقف عن قتل شعبك “.
ترجمة: الحدرامي الأميني
www.elpais.com/articulo/opinion/Asad/maniobra/elpepiopi/20120117elpepiopi_2/Tes