اقترح أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني إرسال قوات عربية إلى سوريا لوقف العنف هناك، وأيد هذا الاقتراح السيد عمرو موسى، الأمين العام للجامعة العربية السابق والمرشح للانتخابات الرئاسية المصرية، في الوقت الذي قال فيه وزير الخارجية الفرنسي إن «المجزرة مستمرة وكذلك صمت مجلس الأمن»، مؤكدا أن هذا الوضع «لا يحتمل»، وهناك معلومات عن مطالبة أميركية للأتراك باتخاذ موقف فاعل أيضا.. فهل نحن أمام تبلور موقف دولي إزاء الأوضاع في سوريا؟
أعتقد ذلك، لا سيما أن هناك مؤشرات تدل على ذلك، منها تحرك بعض الأطراف الفاعلة في منطقتنا، خصوصا الزيارات العربية إلى واشنطن، أو الزيارات الدولية إلى عواصم المنطقة، وبالأخص الفاعلة منها، وفوق هذا وذاك تطورات الأوضاع في سوريا، ومنها خطاب الأسد الأخير، والذي أوحى إلى أن الرجل منفصل عن الواقع، وليس لديه إلا المراوغة، فتارة تفجيرات بحضور المراقبين العرب، وكل يوم جمعة، وتارة أخرى اتخاذ قرار عفو، شكلي، كلما قررت الجامعة أن تجتمع لمناقشة الأوضاع السورية، فقرارات العفو الأسدية، مثلا، تعددت دون أي تنفيذ حقيقي!
وعليه، فإن السؤال الآن هو: هل يمكن عمليا إرسال قوات عربية إلى سوريا؟ ومن سيقوم بذلك في ظل الدفاع المستميت الذي يقوم به كل من العراق، والجزائر، ولبنان، عن النظام الأسدي؟
ففي حال كان هناك موقف عربي، ودون شرط الإجماع، وكذلك دولي، بالتحرك من أجل وقف آلة القتل الأسدية، فإن الأمر لا يتطلب إرسال قوات عربية فقط إلى هناك، بل لا بد من التحرك تحت مظلة مجلس الأمن، أو من خلال ما سميناه مرارا، اتفاق الراغبين دوليا، وذلك من أجل فرض منطقة عازلة في سوريا. أولا، وهنا يبرز الدور التركي، ومن شأن ذلك إتاحة الفرصة لأكبر عدد ممكن من أفراد الجيش السوري للانشقاق، وهو ما قد يسرع بإنهاء المعاناة في سوريا، فمزيد من الانشقاقات يعني تسريع فرص الانقلاب على الأسد، أو انهيار قوته العسكرية. وهذا الأمر يتطلب أولا جهدا دوليا، وقبله عربيا، من أجل مساعدة المعارضة السورية، والتي من أبرز أسباب أزمتها هو عدم حصولها على دعم حقيقي، رغم كل الاتهامات التي توجه لها من قبل النظام الأسدي، وحلفائه.
وكما قلنا مرارا، فإن هذا يعني دورا سعوديا، وتركيا، وقطريا، حقيقيا، إضافة إلى تحرك أميركي جاد، إضافة للفرنسيين، والبريطانيين، وخصوصا أن زيارة رئيس الوزراء البريطاني الأخيرة إلى السعودية، وتصريحاته من هناك، تظهر جدية بريطانيا لوضع حد لآلة القتل الأسدية. ومن شأن هذا التحرك القائم على جهود الدول المشار إليها أن يفعل تحولا حقيقيا في مجلس الأمن، ومع الدول المؤثرة فيه، وتحديدا الصين وروسيا!
لذا، فالقصة هنا ليست قصة إرسال قوات، أو التقليل منها، بل هي ضرورة تحرك دولي فاعل لدعم المعارضة السورية، ثم تأمين منطقة عازلة، مع ضرورة التحرك في مجلس الأمن، أو خارجه، من خلال تشكيل تحالف الدول الراغبة لإنقاذ سوريا، وإنهاء حقبة لم يعان منها السوريون وحسب، بل والمنطقة كلها.
طارق الحميد / الشرق الأوسط