شاهدت مقطع يوتيوب يتحدث فيه أحد السلفيين عن شهادته الميدانية لدور الاشتراكيين الثوريين وحركة 6 إبريل في استئجار البلطجية من أجل إثارة الفوضى والتخريب ومنع الاستقرار، وتخريب نتائج الانتخابات البرلمانية، وقد أثار مخاوفي التشابه بين هذه الأحداث المصرية وأحداث الثورة الروسية الأولى عام 1905 والثانية البلشفية عام 1912، حيث كان من نتائج الثورة الأولى تحويل الملكية المطلقة إلى ملكية دستورية وإنشاء مجلس الدوما النيابي والنظام متعدد الأحزاب وإقرار الدستور الروسي لعام 1906.
ولكن الاشتراكيين الثوريين الماركسيين في روسيا أصروا على عدم المشاركة في الانتخابات وحرضوا العمال على عدم المشاركة بل على الإضراب والعصيان، وذلك لأن هدف هؤلاء الاشتراكيين الحقيقي ليس هو الحرية ولا الديمقراطية ولا الانتخابات، بل هدفهم هو إقامة دولة ديكتاتورية البروليتاريا الشيوعية التي أصبحت أشد قمعا وبطشا بالحريات والشعوب والعمال بأضعاف مضاعفة من النظام الملكي المطلق الذي سبق الثورة الأولى.
ففي بداية القرن 20 كانت أحداث مشابهة، فقد شكل الليبراليون الروس اتحاد زيمتوف الدستوري (1903) واتحاد التحرير (1904) الذي دعا إلى إقامة ملكية دستورية. وانتظم الاشتراكيون الروس في مجموعتين رئيسيتين هما : الحزب الاشتراكي الثوري، وحزب العمل الاشتراكي الديمقراطي الروسي الماركسي الاجتماعي. وفي تشرين الأول/ أكتوبر 1905 تشكلت سوفيات سانت بطرسبرغ. ودعا إلى الإضراب العام، ورفض دفع الضرائب وسحب الودائع المصرفية. ثم في 5 فبراير، وافق القيصر نيكولاس الثاني على إنشاء مجلس الدوما، في حين أن الليبراليين الروس أعربوا عن رضاهم عنه واستغرقوا في التحضير للانتخابات المقبلة، ولكن الاشتراكيون الثوريون شجبوا الانتخابات، ودعوا إلى انتفاضة مسلحة إلى “الانتهاء من القيصرية”.
ثم في عام 1917 كانت ثورة فبراير وهي الأولى من اثنتين من الثورات في روسيا في ذلك العام. بدات في 8 مارس وانتهت في 12 من نفس الشهر، وكانت أول نتيجة لها إلغاء نظام القيصر نيقولا الثاني والغاء الامبراطورية الروسية ومعها حكم عائلة آل رومانوف. وحلت الحكومة الروسية المؤقتة بقيادة الأمير غيورغي لفوف غير الشيوعية محل القيصر. ثم بعد الضجة التي حدثت أيام تموز/يوليو خلفه الكسندر كيرينسكي. هذه الحكومة المؤقتة كانت عبارة عن تحالف بين الليبراليين وبعض الاشتراكيين غير الثوريين الذين أرادوا تفعيل الإصلاح السياسي، وتشكيل جمعية تأسيسية تنفيذية منتخبة ديمقراطيا.
ثم أعقب ثورة فبراير في العام نفسه ثورة أكتوبر الشيوعية بقيادة البلاشفة (الاشتراكيين الثوريين)، فسرقت الثورة الأولى ومهدت الطريق لاتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية الديكتاتورية الأشد قمعا وإجراما من النظام القيصري السابق.
ثم في 12 نوفمبر/ تشرين الثاني عام 1917 أجريت في روسيا انتخابات الجمعية التأسيسية (البرلمان). لكن الحزب البلشفي لم يحصل فيها على أغلبية الأصوات، كما عول على ذلك. وبعد رفض نواب البرلمان إقرار المراسيم الصادرة عن الحكومة البلشفية تم حل الجمعية التأسيسية بالقوة في يناير/كانون الاول عام 1918، الأمر الذي أثار احتجاج القوى الديموقراطية في البلاد. لكن البلاشفة الاشتراكيين أمروا باطلاق النيران على المظاهرات السلمية.
وقد اعتبر حل الجمعية التأسيسية واطلاق النار على المتظاهرين دافعا قويا لتلاحم القوى المعادية للبلاشفة . وبسبب ذلك ومن 6 يناير/كانون الاول عام 1918 بدأت الحرب الاهلية في روسيا، وقتل فيها ملايين من الشعب الروسي، وانتهت بسيطرة دموية حديدية للبلاشفة الاشتراكيين الثوريين.
نجد أن هذا التشابه ليس صدفة، فكأنه مخطط قديم في ثوب جديد، فلو كان مخططا جديدا كليا فربما لم أنتبه الى أي وجه شبه، ففي الحالتين هناك اشتراكيين ثوريين يريدون تعطيل الانتخابات وتشكيل حكومة ثورية من الميدان، وهي طبعا تمثل فقط الذين شاركوا في الثورة الثانية من اشتراكيين وحركة 6 إبريل ولا تمثل الشعب، وهي بهذا الحال ليست حكومة ديمقراطية ولا هذه الثورة الثانية ثورة ديمقراطية، بل قد تكون أكثر تسلطية من نظام مبارك السابق، فهؤلاء تصرفاتهم أثناء الثورة ورفضهم الإصلاحات قد تعني أنهم أشد ديكتاتورية من مبارك.
فالأصل أن الثورة لتحرير الشعب من الديكتاتورية، وليس لإحلال ديكتاتورية أخرى مكانها، والذين يثورون لتحرير الشعب يجب أن يقبلوا بنتائج تصويت الشعب في الانتخابات، فإذا الشعب انتخب الإسلاميين مثلا فهذه إرادته، وليس أن الإسلاميين قطفوا ثمار الثورة، وأما فكرة أن الثوار هم من يجب أن يشكلوا الحكومة ويستولوا على السلطة فهذا انقلاب ومصادرة لإرادة الشعب وليست ثورة شعبية وليست معبرة عن إرادة الشعب.
فهذه الثورة الثانية، ثورة الاشتراكيين الثوريين، هؤلاء إخوان القذافي الاشتراكي الثوري صاحب ثورة الفاتح من سبتمبر، وإخوة حزب البعث الاشتراكي صاحب الثوارت الانقلابية على النظام الديمقراطي السوري القديم، ولهذا رحّب النظام السوري بسقوط مبارك أملا منه أن تحصل الثورة الثانية للاشتراكيين الثوريين، ولكن الشعوب المحكومة من الأنظمة الاشتراكية تثور عليها الآن، في ليبيا ضد القذافي الاشتراكي وفي سوريا ضد الأسد، وفي كازاخستان الشيوعية، وفي روسيا ضد بقايا الحكم الشيوعي، في حين هؤلاء الثوريين الاشتراكيين في مصر يحاولون إعادة التجربة الاشتراكية رغم أنها تفشل أمام أعينهم في بلاد أخرى!!
لا نستغرب ذلك كثيرا، فهم وقحون إلى هذه الدرجة، ويحاولون استغباء الشعوب، ويزعمون في أدبياتهم الاشتراكية أن كوارث الشيوعية هي بسبب أشخاص الحكام اللي طبقوها وليس في نفس الشيوعية والاشتراكية، وهذا كله كذب، فحتى الدول شيوعية الجديدة مثل البرازيل وجنوب إفريقيا هي سيئة جدا في السياسة الخارجية، فهم الآن يدعمون إجرام بشار الأسد، ودعموا القذافي، فلنتخيل ماذا سيقدمون لإسرائيل طالما هم جيرانها؟
لكن المشكلة هي أن هؤلاء الثوار الاشتراكيين المخربين نفسُهم طويل، والمجلس العسكري يقع أحيانا في أخطاء القمع المفرط، وهذه حالة خطيرة على وحدة الجيش اذا استمرت، وعلى هذا يقع رهان الاشتراكيين، ففي خضم الفوضى قد توجد مخططات لطلب حماية دولية أو تسليح للثورة للقضاء على الجيش المصري الوطني بعد تفكيكه، واتهامه زورا بأنه يقتل شعبه.
من هنا يجب أيضا إدانة كل العنف والقمع وخاصة حادثة سحل الفتاة المتظاهرة، وهذا عمل فردي وليس عملا مؤسسيا، فهناك في المشهد جندي آخر شريف غطى الفتاة بسرعة، ولكن المحرضين يتجاهلون ذلك، ويحرضون الشباب على النزول بسبب هذا المشهد، وعلى فكرة حتى الجنود قد يكون منهم أفراد مندسين يساعدون الثوار الاشتراكيين بأعمال حمقاء مقصودة أو غير مقصودة، فهناك أمثلة كثيرة مشابهة، ففي تركيا هناك حديث عن اختراق من النظام السوري للمخابرات التركية، وقد خطفوا قائد الجيش السوري الحر السابق المقدم حسين هرموش، وسلموه الى النظام السوري.
هذا مقطع اليوتيوب الذي يتحدث عن الاشتراكيين الثوريين وحركة 6 ابريل:
http://www.youtube.com/watch?v=BfE4Qcqjduk
وهذين مقطعين آخرين يثبتان أن الاشتراكيين الثوريين هم من يريدون الثورة الثانية وإسقاط المجلس العسكري، وحتى إسقاط كل الجيش المصري، وهدم الدولة المصري، والسيطرة على السلطة بحجة أن السلطة للعمال، ويرفعون شعارات ورموز الشيوعية:
http://www.youtube.com/watch?v=7ydIFivCZs4
http://www.youtube.com/watch?v=p5_3S9L-z4E