” المسيحيون في سوريا مع إخوتهم المسلمين صفاً واحداً “
ليلى نشواتي ريغو – موقع : بيريوديسمو اومانو – ترجمة : الحدرامي الأميني
منذ أن اندلعت في آذار | مارس الماضي الثورة السورية ضد الدكتاتورية التي تحكم البلاد منذ أربعين عاماً ، سقط ما بين أربعة آلاف إلى ستة آلاف من الضحايا ، حسب مصادر مختلفة . و بالرغم من العنف المؤسسي ضد المتظاهرين السلميين ، تبقى هناك بعض الأصوات التي تؤيد النظام ، سواء داخل حدود البلد أو خارجه ، بوصفه الأقل سوءاً بين آخرِين سيئين و ذلك بالنظر إلى حالة عدم الاستقرار في المنطقة . التهديد الإسلاموي الذي تعلن عنه الحكومة و حماية الأقليات هما اثنتان من الذرائع التي يستخدمها النظام السوري في محاولة لشرعنة وجوده في السلطة . موقع ” بيريوديسمو اومانو ” تحدث مع سيدة سورية تنتمي إلى الطائفة المسيحية في مدينة حلب ، حول الدور الذي تلعبه هذه الطائفة في الاحتجاجات و حول إحساسها بالشك و القلق تجاه المستقبل . لأسباب تتعلق بأمنها الشخصي سنبقي هوية هذه السيدة مجهولة .
سؤال : هل شاركت الطائفة المسيحية بشكل فعال في الاحتجاجات ؟
جواب : نعم شارك الكثيرون من المسيحيين . و الكثيرون يؤيدون الفكرة المُعمَّمَة بأننا نعيش في سياق من القمع و الظلم يؤثر علينا جميعاً . هناك تصريحات مثل ” بيان السوريين الأحرار من الطائفة المسيحية حول الثورة السورية ” الذي يدعم حق جميع السوريين في العيش بحرية .
ندرج هنا فقرتين من البيان الذي تشير إليه السيدة السورية :
” أولاً : انطلاقاً من كون الدين المسيحي دين العدالة و الحق و المساواة و المحبة فإن المسيحيين في سوريا لا يمكن إلا أن يكونوا صفاً واحداً مع إخوانهم في الوطن في حركتهم السلمية نحو الحرية و العدالة و المساواة و محاربة الظلم .
رابعاً : إن المسيحيين في سوريا موجودون على هذه الأرض منذ آلاف السنين و لطالما كانوا يعيشون بتناغم كامل و تآخ تام مع جميع أطياف المجتمع السوري و لم يكونوا يوماً من الأيام بحاجة لحماية معينة من فرد أو مجموعة ما ، و لم يكن يوماً من الأيام وجودهم على هذه الأرض الحبيبة مرتبطاً بوجود فرد أو مجموعة معينة في سدة الحكم “.
سؤال : لكن هناك أيضاً مسيحيون يؤيدون النظام . و قد شاهدنا الحكومة تجتمع مع ممثلين عديدين للكنائس في البلد …
جواب : نعم مضى عليهم زمن و هم يجتمعون مع العديد من الكنائس في سوريا . هذه الكنائس التي لم تشاهد قط من قبل تملأ الآن كل القنوات الرسمية ، فليس هناك يوم لا تظهر فيه إحداها في التلفزيون . إنها صورة تهم النظام ، من أجل أن يُظهِر أنه يمد يده للمسيحيين ، و الأقليات ، بمواجهة التهديد الإسلاموي الذي يصر عليه .
سؤال : هل يخاف المسيحيون ، أو قسم منهم على الأقل ، مما يمكن أن يأتي بعد الأسـد ؟
جواب : هناك خوف بالطبع . من الذي لا يخاف في سوريا ؟ أضف إلى ذلك أننا نرى وضع المسيحيين في بلدان المنطقة : كارثة العراق ، التهديدات لطائفتنا في مصر ، في لبنان ، … لكن هذه التهديدات هي نتاج للديكتاتوريات ، و للنقص في الحرية ، و للغزوات الأجنبية ، و الطائفية التي حرض عليها أولئك الغزاة … و ليسـت شيئاً ملازماً للتعايش في البلدان العربية . إن الخوف من مستقبل غير أكيد للجميع و التشبث بالديكتاتورية هو كالخوف من شبح تتخيل وجوده تحت سريرك و يدفعك في آخر الأمر إلى رمي نفسك من النافذة بهدف الهروب منه . إن دعم الديكتاتورية هو أن يلقي المرء بنفسه من النافذة .
سؤال : لكن هل من الصحيح أن الطائفة المسيحية تتمتع بالمساواة في الحقوق في سوريا ؟
جواب : نتمتع بالمساواة في الحقوق إلى درجة كبيرة . لكن الامتنان لهذا الأمر هو شيء غير معقول لأن المرء يجب أن يعتبره أمراً مفروغاً منه ، و كذلك ، بطبيعة الحال ، النضال من أجل المحافظة عليه ، و لكن ليس بالجمود على هذا الموقف من الشكر الأبدي إلى من يقدم لنا حقوقاً ، هي في واقع الأمر منتمية إلينا ، كما لو أنها هدية يمكن لأحدهم انتزاعها منا على هواه . الكثير من المسيحيين لديهم هذا التصور الذاتي لأنفسهم بأنهم يتمتعون بهبة يمكن انتزاعها منهم ، و هذا التصور الذاتي للنفس هو أمر خطر لأنه يحول دون حدوث أي تغيير ضروري . و لهذا فإن ممثلي الكنائس السورية لم يدلوا بتصريحات علنية مناوئة للنظام ، لأنهم لا ينظرون إلى أنفسهم بوصفهم مواطنين سوريين كاملي الحقوق . إنهم ممتنون كونهم يُسمَح لهم بالتنفس . لكنَّ الخوف ليس حجة من أجل الإبقاء على الديكتاتورية .
سؤال : هناك خطاب ، تروّج له بعض وسائل الإعلام ، يسوِّغ الديكتاتورية في سوريا بوصفها الخيار الأقل سوءاً بين خيارات كلها سيئة . كيف تنظرين إلى هذا الموقف ؟
جواب : بودي أن أطلـب من وسائل الإعلام ، و الغربية منها بالتحديد ، أن لا تغـذي هذا النوع من الخطاب . الديكتاتـورية ، كل الديكتاتوريات ، لا تجلـب إلا الظـلم و الرعـب و الراديكالية .