بالأمس في برنامج “في العمق” في قناة الجزيرة، استضيف وائل ميرزا من المجلس الوطني السوري، وميشيل كيلو الذي كان عضوا في هيئة التنسيق الوطني، وهي المعارضة الداخلية التي اكتشف الشعب السوري حقيقتها وتعاملها مع النظام، حيث يقتل ويعتقل النظام المشاركين بالمظاهرات السلمية، ولكن يسمح لهذه المعارضة بعقد المؤتمرات والاتصال بأسمائهم الحقيقية بالقنوات الإخبارية، وهم دائما يطرحون طروحات غير واقعية ويخفضون سقف مطالب الشعب، فعرف الشعب بفطرته أنهم متعاملون مع النظام، وقرر الشعب أن يقول كلمته فيهم، بأنهم لا يمثلون إلا أنفسهم.
يتميز ميشيل كيلو عن بقية أعضاء الهيئة بأنه أكثر احترافا ومرونة وبراغماتية، وقد استخدم ميشيل كيلو على مهارته فتنصّل من العلاقة بهيئة التنسيق ونفى أنه كان عضوا فيها، ثم حاول إظهار الهيئة بمظهر الضحية لحملة تخوين قام بها الشعب السوري ضدهم!! وقد ساعده كثيرا تحيّز قناة الجزيرة ومقدم البرنامج علي الظفيري بأن وصفهم بأنهم معارضون لهم وجهة نظر ذات وجاهة ومتخوفون من التدخل الأجنبي، نعم يحق لقناة الجزيرة عرض الرأي الآخر، لكن لا يحق لها أن تدافع هي أيضا عنه، وخاصة أنه رأي رفضه الشعب السوري، وهي قناة تقول بأنها تنحاز للشعوب، وبالمقابل فإن الضيف الآخر هو عضو في المجلس الوطني ولا يتسطيع أن يفنّد رأي ميشيل كيلو بقوة، كي لا يتم اتهام المجلس الوطني بالإقصاء، ربما كان من الأجدر استضافة عضو مستقل يستطيع الرد بقوة على ميشيل كيلو.
فإذا كان كيلو ليس عضوا في الهيئة كما يقول فلماذا هو غاضب من رفض الشعب السوري أن تمثلهم الهيئة؟ من ينظر إليه في تلك الحلقة يشعر بالحزن والشفقة عليه، حيث برع كثيرا في هذه الحلقة بتمثيل دور الضحية المظلومة، لكن الفرق هنا أنها حملة شعبية وليست من جهة معارضة أخرى، فالشعوب بفطرتها غير المسيسة هي أبعد ما تكون عن شن حملات تخوين لأغراض سياسية، فهذه ليست حملة تخوين بل دفاع الشعب الأعزل الذي يُذبح يوميا عن مكتسبات ثورته ورفضه أن يسرقها أحد أو يحرف وجهتها أو يخفض سقف مطالبها التي كتب حروفها بدماء الآلاف من الشهداء.
للأسف فإن البعض لا يزال يتأمّل في هيئة التنسيق خيرا ويطلب منها أن تنفي خبثها وتلتحق بركب الثورة الشعبية، ويتحدث البعض الآخر بتفاؤل عن كثرة الانشقاقات فيها ورغبة المنشقين في الانضمام للمجلس الوطني، لكن هذه الهيئة بطبيعتها الحزبية والفكرية الماركسية هي مثل النظام تماما، ولا يمكن لها أن تنفي خبثها، ولا يمكن أن لها أن تقبل يوما من الأيام بسقوط نظام بشار حتى بعد سقوطه، وإن أغلب من ينشق عنها، هم ينشقون الآن بعد انتهاء الوقت بدل الضائع وبعد أن فضحهم تماما كل الشعب السوري، وربما هم ينشقون فقط ليخترقوا المجلس الوطني أو ليكوّنوا هيئات تنسيق جديدة مع النظام، أقول هذا بشكل عام ولا يخلو الأمر من استثناءات من بعض الشرفاء.
ولكن رغم كل مهارة ميشيل كيلو المتفوقة وضعف موقف وائل ميرزا وتحيّز الجزيرة، فقد أخطأ كيلو في نهاية الحلقة ووصف الثورة السورية بأنها “تمرد”! فرد عليه وائل ميرزا، ثم سأله مقدم البرنامج عن قصده بهذه العبارة، ففسرها بتفسيرات فلسفية تتلاعب بالكلمات بأنها “تمرد مجتمعي” واسع سيتحول لاحقا إلى ثورة! ووقع بالخطأ القاتل بأن نفى عنها صفة الثورة وأصر على إلصاق تهمة التمرد بها، وهي عبارة يُفهم منها أنها ثورة غير شرعية رغم أنه وصفه بأنه تمرد شرعي!