ذكر الشيخ الفاضل العرعور أنه حتى لو أعطت المبادرة العربية للنظام مهلة إلى عام 2500 فلا مشكلة بشرط واحد وهو سحب الجيش ووقف القمع والسماح بالتظاهر السلمي، لأن هذا سيؤدي إلى نزول الملايين في دمشق وحلب مما سيؤدي إلى إسقاط النظام مثل ما حصل في مصر، هكذا كلنا نظنّ.
ولكن النظام الخبيث ومعه داعميه الخبثاء روسيا والصين وإيران، كانوا قد نصحوه بداية الثورة بأن لا يخطئ خطأ القذافي بقتل 1000 متظاهر يوميا، لأن هذا سيجلب عليه التدخل الدولي العسكري، ونصحوه بالقتل بالتقسيط، أملا في وأد الثورة، وقد أدى هذا فقط إلى تأجيل التدخل الدولي وليس منعه ولم تسقط أيضا الثورة بحمد الله، وعندما أيقنوا الآن أن التدخل الدولي صار حقيقة لا محالة إذا استمر القتل، خرج وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف وقال بأن روسيا لن تسمح بتكرار النموذج الليبي في سوريا، وأنها تدعم بدلا منه تطبيق النموذج اليمني.
لقد وجدوا أن هذا النظام فاقد للشرعية الدولية وساقط لا محالة، ولكنهم وجدوا في النموذج اليمني طريقة ممتازة لهم في تأجيل السقوط لأطول فترة ممكنة من المماطلة بتسليم السلطة والتوقيع على المبادرة الخليجية، مما يتيح لهم في هذه المدة إذا طبقوا النموذج اليمني في سوريا أن يصنعوا نظاما بديلا لبشار يكون صنيعة امتدادا لنظام بشار ومراعيا لمصالح إيران وروسيا، وهذا قد يفسر الترحيب الكبير بهذه المبادرة من قبل المعارضة الداخلية المرتبطة بشكل ما بالنظام، مثل هيئة التنسيق الوطني، فهذا النموذج المشوّه قد يتيح لها استلام السلطة بعد نهاية ولاية بشار 2014.
إن الموضوع بسيط جدا، يسحب بشار الجيش ويسمح لوسائل الإعلام بالدخول، ويقلل القتل إلى درجة النظام اليمني، ويبدأ في المماطلة، لأنه يعلم أن هذا النظام لا يمكن أن يسقط إلا بالقوة العكسرية، وبشار الأسد هو أستاذ المماطلة واللف والدوران، وإذا كان علي عبد الله صالح قد استطاع البقاء باللف والدوران حتى الآن رغم عشرات الملايين من المتظاهرين في المدن الكبرى ورغم انشقاق نصف الجيش، فإن بشار لم يصل حتى الآن إلى مرحلة الضعف التي وصل إليها صالح في بداية الثورة عليه، وبناء على ذلك إذا تم تطبيق النموذج اليمني في سوريا فانتظروا طويلا وصول بشار إلى مرحلة الضعف التي وصل إليها صالح، ثم بعد ذلك انتظروا عشرة أعوام أخرى من المماطلات والمبادرات والوعود الكاذبة بتسليم السلطة بعد ساعتين تارة، وبعد خمسة أيام تارة أخرى.
إن نزول دمشق وحلب بالملايين وتعميم الإضراب والعصيان المدني شيء رائع جدا وحلم جميل، ولكن هذا إذا حصل وحده فهو قد لا يكفي لإسقاط النظام، بل ربما يؤدي إلى النوذج اليمني، فمهما بلغ عدد الملايين من المتظاهرين في صنعاء فهم عاجزون عن مجرد الاقتراب من المنطقة التي يقبع فيها القصر الجمهوري، وإن القطع العسكرية التابعة لصالح أقوى في العتاد بثلاث مرات من التي انشقت عنه بحسب أحد التقارير الجديدة، وهذا قد يفسر تأخرها حتى الآن في الإقدام على الحسم، ولهذا فحتى لو حصل مثل هذا في سوريا سيبقى إسقاط النظام السوري يحتاج عملا عسكريا، ويظل هذا أمرا ملحا وبسرعة لأن بشار قتل أكثر من صالح ومنع علاج الجرحى بل وأجهز عليهم واعتقل من يعالجهم.