ثورة 25 يناير المصرية هي ثورة شعبية سلمية انطلقت يوم الثلاثاء 25 يناير 2011 وذلك احتجاجًا على الأوضاع المعيشية والسياسية والاقتصادية السيئة وكذلك على ما اعتبر فسادًا في ظل حكم الرئيس محمد حسني مبارك. أدت هذه الثورة إلى تنحي الرئيس محمد حسني مبارك عن الحكم في 11فبراير/ شباط 2011 م، ولكن حتى الآن نجد أن الأمور لم تصل للأفضل لا في تونس ولا في مصر، وأنه يمكن القول بأن المصريين استعجلوا الثورة، وربما كان الحصول على إصلاحات أفضل بكثير.
ثم بدأت محاكمة مبارك وأخذ الكل يتكلم عن فساد مبارك وعن الأيام العصيبة التي عاشها المصرين في عصر مبارك متجاهلين أن هذا الرجل مثل ما له سيئات أيضا يوجد له حسنات. نعم هناك حسنات لرئيس حسني مبارك وسنعرض هنا أهم ثلاث حسنات لهذا الرئيس وذلك من باب الإنصاف.
وهذا الحسنات تتمثل في ثلاث مواقف اتخذها الرئيس حسني مبارك في ثلاث قضايا مفصلية:
الأولى: خدم فيها القضية الفلسطينية وكان شوكة في حلق إسرائيل.
الثانية: خدم فيها الإسلام والمسلمين وذلك من الخطر الداهم الخطر الحقيقي خطر الشيعة.
الثالثة: خدم فيها الشعب المصري.
أما الأولى التي خدم فيها القضية الفلسطينية، فكان ذلك في إغلاق معبر رفح وقطع الإمدادات عن غزة وعن حماس، نعم قد يتفاجأ البعض أو الأكثرية من هذا القول ولكن هذا هو الحق وذلك إذا فهمنا الواقع الصحيح لهذه القضية، الواقع الصحيح لهذه القضية هو أن إسرائيل ترفض عملية السلام ولا تريد أن تخوض هذه العملية المحرمة عقائديا عندها وذلك لأن عقيدة اليهود تنص على أن أرض الميعاد هي من الفرات إلى النيل، وإذا طبقنا عملية السلام فهذا سيؤدي إلى تقليص أرض إسرائيل، فيكون ذلك خرقا للعقيدة اليهودية التي تقول بالتوسع، لذلك يرفض اليهود عملية السلام، ولكنهم كانوا يستغلون في البداية رفض العرب والفلسطينيين لهذا السلام ويقومون بالإدعاء أنهم يريدون السلام وأنهم هم الحمل الوديع والعرب هم المجرمون الإرهابيون، وعندما انتبه العرب لهذه المعادلة خاصة مصر والاردن والسعودية والسلطة الفلسطينية قاموا بالموافقة على عملية السلام مع علمهم أن إسرائيل لن ولن تقبل بذلك ولكن من أجل إظهار الوجه الحقيقي لإسرائيل أمام العالم الغربي.
لذلك أخذت اسرائيل بعرقلة عملية السلام بشتى الطرق وأخذت بالضغط على مصر من أجل فتح معبر رفح، وذلك حتى يدخل السلاح وتدخل جماعة القاعدة وجماعة حزب الله إلى غزة، وبذلك تصبح غزة بؤرة الفساد وبؤرة الإرهاب فتتخذها إسرائيل ذريعة أمام العالم بأن هؤلاء الفلسطينيين مجموعة من المجرمين وأن غزة عبارة عن مرتع للإرهاب وبذلك لا يستحقون أن تكون لهم دولة، ولكن الرئيس حسني مبارك كان يعرف ما تريده إسرائيل لذلك كان يغلق على إسرائيل وليسه على الفلسطينيين معبر رفح حتى لا يدخل إليها السلاح وحزب الله والقاعدة وبذلك يكون قد قطع الطريق على إسرائيل وبعثر لها جميع مخططاتها التي كانت تحلم بها، فلا يسعنا هنا إلا أن نقول شكرا سيادة الرئيس على هذا الموقف العظيم.
أما القضية الثانية التي خدم فيها الإسلام والمسلمين، ألا وهي قضية المد الشيعي والحلم الشيعي، فالجميع يعلم أن لدى الشيعة أحلام تتمثل في التوسع وتصدير الثورة وتشييع المنطقة وإبادة السنة بشتى الطرق، حيث كان يتمثل هذا الخطر الشيعي بعدة مراكز رئيسية أكبر هذه المراكز هي إيران، نعم إيران التي كانت تحلم باجتياح منطقة الشرق الأوسط وعلى رأسها مصر، وكانت تحلم بعودة الدولة الفاطمية في مصر والسيطرة على الأزهر الذي تدعي أنه كان مركز من مراكز الشيعة، ولكن الرئيس حسني مبارك كان على وعي لهذا الخطر وعلى معرفة بمخططات الشيعة في المنطقة لذلك كان عبارة عن سد منيع أمام هذا المد الجارف، ويتمثل ذلك بالعلاقات المتوترة مع إيران وقطع العلاقات الدبلوماسية معها وإغلاق السفارة الإيرانية في مصر، ومطاردة جماعة حزب الله والقبض عليهم وفضحهم، والسماح للعلماء في مصر بالحرية المطلقة بالكلام عن الشيعة والتحذير من خطرهم، وكان أيضا ذلك عن طريق القنوات الفضائية التي تختص بهذا الأمر، ولم يقتصر دور مبارك في داخل مصر بل كان له دور خارج مصر وخاصة في الخليج وذلك بالمساعدة والمساندة لإخوانه دول الخليج لصد مثل هذا العدوان ومساعدة العراق في حربها مع إيران، لذلك لا يسعنا هنا إلا أن نقول شكرا سيادة الرئيس على هذا الموقف العظيم.
أما الموقف الثالث الذي اتخذه سيادة الرئيس حسني مبارك، هذا الموقف الكبير الذي خدم به مصر والمصرين من كارثة كبيرة، كانت ستعصف بهذا البلد الذي يعد مركز الأمة العربية، حيث كان المخطط من وراء هذه الثورات وخاصة في مصر أن تكون دموية تحصد الأخضر واليابس، فعندما شاهد الرئيس حسني مبارك أن زمام الأمور ستخرج من يد الجيش وأن هناك من يحرك الثورة من الداخل والخارج قام بقطع الطريق عليهم وذلك بأن اتخذ قرار التنحي الذي جاء بمثابة الضربة القاضية التي قضت على أحلام بعض المتسلقين الذين يعيشون على المصائب، نعم كان القرار الشجاع الذي جاء في الوقت المناسب، ولقد شاهدنا كيف أدى تعنت بعض قادة الدول العربية من جراء تمسكهم بالحكم على حساب شعبهم وعلى حساب وطنهم، مما أدى إلى هذه المجازر التي يندى له الجبين، مثل ما يحصل في ليبيا وما يحصل في سوريا واليمن، لذلك لا يسعنا تقديرا لهذا الموقف الشجاع من الرئيس حسني مبارك إلى أن نقول شكرا مرة أخرى سيادة الرئيس على هذا الموقف العظيم.
أما وقد وقعت الثورة وانتهى الأمر، فيجب الآن الدعوة لتدارك الأمور وإعادة الاستقرار بقيادة المجلس العسكري، والحرص على عدم الانجرار وراء دعوات مشبوهة تريد الذهاب بمصر نحو المجهول مثل ثورة الغضب الثانية، فإذا كان الرئيس مبارك قد تنحى والمصالحة الفلسطينية حدثت وسوف يفتح معبر رفح، وإذا كان الدستور قد تم تعديله وتحديد فترة الرئاسة وانتشرت ثقافة الحرية، فما الذي يريدونه أكثر من ذلك؟ هل يريديون أيضا تنحي المجلس العسكري؟ هل يريدون أخذ مصر للفوضى؟ هل يظنون مصر تعيش في كوكب لوحدها بعيدا عن استغلال الأعداء الصهاينة والمجوس لأي فرصة لتدمير مصر وتقسيمها؟ هل يظنون الأوضاع مواتية تماما للحصول على وضع مثالي تماما؟ وهل الوضع المثالي يجب أن يأتي مرة واحدة بهذه السرعة؟
(2011-01-25)