لماذا لا نسمع هذه الأيام عن دعم قادة إيران للثورة الشعب الليبية كما زعموا وقوفهم إلى جانب ثورة الشعب في مصر؟ هل لأن القذافي حليفهم يسكتون عن جرائمه ومذابحه؟ وما هو هدفهم من وراء ادعاء الثورة المصرية؟ لو كان هدفهم دعم تحرر الشعوب أليس الأولى دعم الثورة الليبية ضد السفاح المجرم القذافي؟
نفاق الثورة الإيرانية – ناصر المغربي – الراصد نت
قبل سنة تقريباً كان الإيرانيون هم السباقين للتمرد على حكومتهم بسبب تزوير الإنتخابات والقمع للجماهير والحظر الإعلامي والتخوين والإعتقالات والإبادة الجماعية للإيرانيين على يد مليشيات المرشد وحرس ثورته, هذه الأسبقية وإن لم تصل لهدفها بإسقاط الديكتاتور نجاد؛ بسبب القمع الوحشي ضد المعارضة فإن نار هذه الثورة لازالت مشتعلة خاصة أن المظاهرات لازالت مستمرة، والإصلاحيون لازالوا مصرين على موقفهم الرافض لنتائج الانتخابات وعدم الإقرار بنتائجها واعتبارهم حكم نجاد غير شرعي، ودعواتهم المتكررة للتظاهر.
هذا المطلب يراه النظام الإيراني مطلباً شرعياً خارج حدوده, أما داخلها فيراه خروجا على النظام وثورة عليه وخيانة عظمى للدولة وتجسساً وعمالة للغرب. كثيرة هي التهم التي يتفنن أركان النظام الإيراني في تسويقها وإلصاقها بالمعارضين من قادة الإصلاح, وكثيرة هي التصريحات التي دعا فيها كبار المحافظين لمحاكمة قادة المعارضة وفرض عقوبة الإعدام عليهم، فهذا النائب البرلماني حسين إسلامي يطالب بمحاكمة المعارضة محاكمة علنية وغير سرية قائلا: ” إن محاكمة هؤلاء ستضع نهاية للفتنة في البلاد “، وكثيرة هي الإجراءات الأمنية التي طبقها ويطبقها النظام الإيراني القمعي فبعد التنكيل بالشباب الإيراني وقتله وإصابته بعاهات مستديمة والزج به في غياهب السجون دون محاكمات وإعدام بعض قادته كما فُعل بالأحوازيين من قبل, ها هو اليوم يضع قياديي الإصلاحيين مير حسين موسوي ومهدي كروبي وزوجته تحت الإقامة الجبرية، ويلقى القبض على ابنة علي أكبر هاشمي رفسنحاني الرئيس السابق لمشاركتها في تظاهرة محظورة وترديد الهتافات ضدّ الحكومة والنظام, ويمنع كل من تسول له نفسه بالتظاهر أو معارضة النظام القائم .
كثيرة هي الأحداث وكثيرة هي صور النفاق السياسي للنظام الإيراني, فتارة يدعو لمساندة الشعوب المقهورة التي تسلطت عليها الديكتاتوريات، والتي تريد أن تقرر مصيرها, وتارة أخرى نجده قامعاً لشعبه وحارماً إياه من حق التعبير (المعارضة) وحق التدين (السنة) وحق تقرير المصير (الأحواز).
من أبرز تجليات نفاق الثورة الإيرانية التصريحات التي نقلتها وكالة الأنباء الإيرانية “أرنا ” عن ممثل إيران بالأمم المتحدة محمد خزاعي: أن ثورات الشعوب المسلمة في تونس ومصر وبلدان أخرى هو استمرار لتأثيرات الثورة الإسلامية الإيرانية, وأن الحكومات أصبحت غير شعبية، وأن المشاكل الاقتصادية والضغوط الاجتماعية من أهم دوافع هذه الثورات, وأن أسباب وقوع هذه النهضات يرجع لإذلال الشعوب طيلة عقود طويلة وإبعادها عن أهدافها وقيمها الإسلامية وثقافتها، والعلاقات غير المناسبة التي أقامها قادة هذه الشعوب مع القوى الإستعمارية وخاصة الولايات المتحدة الأميركية من بين أسباب السخط الذي شعرت به شعوب هذه البلدان, معتبراً ما يحدث اليوم في مصر يشكل جزءاً من الحركات في المنطقة والتي ستستمر في المستقبل أيضاً، فيما يحاول البعض وقف هذه الحركات أو الالتفاف عليها لكن ذلك لن يحدث.
وهو يتسق مع الموقف الرسمي للحكومة الإيرانية بطهران، بل مع موقف رئيس الجمهورية الإيرانية أحمدي نجاد الذي عبر عنه في كلمته أمام جموع غفيرة من الإيرانيين بذكرى انتصارات الثورة الإيرانية، حيث حذر قوى الاستكبار حسب تعبيره من التدخل في شؤون مصر وتونس, داعياً هذه القوى لترك شعوب المنطقة تختار ما تقرره بنفسها، ومشدداً على أن قوى الشعوب ستحاكمهم في المحاكم العادلة وستسدل الستار على تاريخهم، مؤكداً أن الكيان الصهيوني هو أساس كل أزمات المنطقة، وأن صمود الشعوب الحرة سيبلور شرق أوسط جديد دون أميركا والكيان الصهيوني، داعياً الشعوب العربية والإسلامية إلى التوحد، خاصة الشباب المصري، قائلا: ” يجب أن تكونوا حذرين وأذكياء من حقكم أن تقرروا مصيركم وأن تختاروا حكومتكم ونوعية الحكام وأن تجاهدوا في طريقها متوكلين على الله” !!!
هذا هو الوجه الأول (النفاق) للجمهورية الثورية الإيرانية التي تدعم حرية الشعوب بالعيش بحرية واختيار الحاكم العادل واختيار الحكومة وحرية التظاهر وحرية التعبير وحرية التدين وحرية الصحافة …
أما الوجه الثاني (الحقيقي) للجمهورية القمعية الإيرانية فمختلف كثيراً, فقد ظهرت ملامحه منذ الانتخابات الرئاسية التي سرقها أحمدي نجاد من المعارضة تحت عين المرشد خامنئي المفروض فيه إلتزام الحياد في مثل هذا الحالات، وعدم تغليب فئة على أخرى؛ لأن مكانته الدينية تفرض عليه التحيز للعدل وأن يصطف مع خيار الشعب الإيراني, لكن لاشيء من هذا حصل، بل انطبق عليهم المثل الشعبي القائل: ”حاميها حراميها”، فالمرشد أصبح سارقاً لصوت الشعب ومزوراً للانتخابات وناصراً للحكومة ضد المعارضة !!
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل أمر هذا ”المرشد” أو ”ولي الفقيه” الحرس الثوري ومليشيات الباسيج بقمع المحتجين والتنكيل بهم أيما تنكيل, وأمر بحظر الانترنت وعزل إيران عن عالمها الخارجي، ومراقبة الرسائل عبر الهاتف الخلوي، ومنع التظاهر والتجمع السلمي, وتهديد وترويع زعماء الحركات الاحتجاجية من الإصلاحيين وتهديدهم بالتصفية الجسدية وبالمحاكمة بعد تخوينهم واتهامهم بالعمالة والتجسس وتلقي أموال خارجية من الغرب، وممارسة القتل والسجن والقمع بطريقة وحشية ضد المتظاهرين.
فمتى يتوقف النفاق الإيراني، ومتى يتوقف النفاق الشيعي لوكلاء إيران كحزب الله الذي خطف لبنان، وكالمعارضة الشيعية البحرينية التي تحاول خطف البحرين ؟؟