نظرة في بعض الدراسات النقدية عن حزب التحرير

حزب التحريرنكمل عرض أهم ما بدأناه في عرض كتاب حزب التحرير الإسلامي والتضليل السياسي:

لكي يتوصل الدارسٍ لحقيقة حزبٍ أو جماعة ٍما، يجب عليه أن يعتمد في ذلك على جمع ودراسة الإرث الذي تركه ذلك الحزب أو تلك الجماعة، وتحليله تحليلاً علمياً بعيداً عن العاطفة. ولا يجوز للدارس الوصول إلى النتائج وإصدار الأحكام على الأحزاب أو الجماعات، من خلال التقليد الأعمى لما قرأه أو سمعه عن ذلك الحزب أو تلك الجماعة، سواء كان ذلك عن شيخه أو جماعته أو حزبه.

وعليه، فقد اعتمدنا في هذه الدراسة على الإرث الذي تركه حزب التحرير في الأمة ولا يزال، فقد اعتمدنا أولاً الكتب المتبنّاة([1])، التي كتب عليها من منشورات حزب التحرير؛ أمثال: ((مفاهيم سياسية))، و((نظرات سياسية))، و((النظام الاجتماعي في الإسلام))، و((النظام الاقتصادي في الإسلام))، و((نظام الإسلام))، و((الخلافة))، و((نظام الحكم في الإسلام))، و((التفكير))، بالإضافة إلى كتاب ((الشخصية)) والمنشورات الصادرة عن الحزب التي جمعها الحزب في ملفات خاصة، تحت عناوين منها: (النشرات السياسية، والنشرات الفكرية،…)، وهي متوفرة لدى أغلب المنتمين للحزب، ومنشورة على موقع الحزب في شبكة الإنترنت، ولم تعتمد هذه الدراسة مجلة الوعي الناطقة بلسان حزب التحرير، إلا نادراً ـ وللاستئناس ـ فقط كونها غير مُلزِمَة لأفراد الحزب.

لقد تناول الكثيرون من الكتّاب ((حزب التحرير)) بالدراسة والنقد، وصل ببعضهم إلى حد التجريح والاتهام. وعلى الرغم من أن هؤلاء الدارسين لحزب التحرير لم يكتشفوا حقيقة الحزب وباطنه، أو لم يصلوا إلى الحقيقة التي بنى عليها نظراته وتحليلاته ومفاهيمه السياسية، نجد أنهم قد أصابوا الحزب في بعض مقاتله وأثاروا الشكوك حول ماهيته وخلفيته، حتى عدّه بعضهم من الأحزاب المشبوهة كما خلصت إليه دراسة محمد الحسن في كتابه: ((المذاهب والأفكار المعاصرة في التصور الإسلامي)) ([2]).

وقد نقل الحسن عن الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي رأيه في حزب التحرير (ص169) الذي يقول فيه: ((هكذا ولا ريب يفكر ذلك الأجنبي الواغل وهو يحكم من وراء صفوف هذه الجماعة، ويقذف إليهم بأفكاره عن الإسلام تباعاً)).

أما الأستاذ غازي التوبة فقد توصل إلى أن انحراف حزب التحرير الفكري: ((أبعده عن ثلثي الإسلام، إن لم نقل عن كل الإسلام))([3])، بل قد ذهب إلى الارتياب بالحزب بعض الأفراد من حزب التحرير، حين بدأ نائبه في مجلس النواب الأردني في أوائل الخمسينات من القرن الماضي يلقي البيانات السياسية سياسية بحتة، فرد عليهم الحزب، وشنع عليهم([4]).

وكانت مجمل انتقادات هؤلاء للحزب بعيدة جداً عن فهم جوهر الحزب والهدف الذي أسس لأجله؛ فنراهم قد درسوا الحزب من الناحية العقيدية أو الاجتماعية أو الفقهية أو الحديثية أو الأصولية، أو أنهم تعرضوا بالنقد لمنهج حزب التحرير في التغيير، وهذا كله حسن ومطلوب. وكل ما ذكروه من نقد في هذا الباب، يضع علامة استفهام حوله، كقوله بجوازه قبلة الرجل للمرأة الأجنبية، والنظر إلى الصور العارية، وقوله بضرورة تغيير الحكام دون المجتمع لإقامة الدولة الإسلامية، وموافقته للجهمية في تعريف الإيمان، والمعتزلة والأشاعرة في كل من: الأسماء والصفات، ورد خبر الآحاد في مسائل الاعتقاد وأمثالها، ومنهجه الضال في تصحيح الأحاديث وتضعيفها، فهو يعتبر الحديث صحيحاً إذا صححه الحزب، بغض النظر عن دراسة السند،  وكذلك الفتاوى الغريبة الأخرى عن الإسلام([5]).

وقد دارت نقاشات موسعة ومطولة في العقود الماضية من القرن العشرين، حول هذه الموضوعات التي أثار بها هذا الحزب أمة الإسلام، حتى اهتزت سمعته في العالم الإسلامي خاصة في السنوات الأولى من عمر الحزب. وكادت أن تصبح كلمة (تحريري) شتيمة، بل أصبحت. ولكن ماذا حدث بعد ذلك؟ هذا ما سنجيب عنه في الموضوعات القادمة إن شاء الله.

 


([1])  المتبنى: هي الأفكار التي اختارها الحزب وألزم أفراده بقبولها واعتقادها، ورتب على ذلك طرد العضو المخالف لها من الحزب.

([2] )  (ص 159، ط/1،عام 1986).

([3] )  ((الفكر الإسلامي المعاصر))، ، (ص 195)، ط/3، عام (1977).

([4] )  نشرة أسئلة وأجوبة صدرت في 22 من ربيع الثاني سنة 1390هـ، الموافق 26/6/1970م.

([5])   لم نتطرق إلى ذكر الأدلة على ذلك لتركيز البحث على التضليل السياسي لحزب التحرير.

Scroll to Top