ما هي الحقيقة المحمدية عند الصوفية ؟ 1/2

وكيف تدعو إلى الدنيا ضرورة من            لولاه لم تخرج الدنيا من العدم

الحقيقة المحمدية عند الصوفيةمن النصوص التالية سنعرف ماذا تعني: الحقيقة المحمدية، وسنعرف أن الصوفية كلهم يؤمنون بها. يقول الحلاج: … ما أخبر إلا عن بصيرته، ولا أمر بسنته إلا عن حق سيرته، حَضَرَ فأحضر، وأبصر فخبّر … ، كان مشهوراً قبل الحوادث والكوائن والأكوان، ولم يزل، كان مذكوراً قبل القبل وبعد البعد والجواهر والألوان … هو الدليل وهو المدلول … بالحق موصول غير مفصول، ولا خارج عن المعقول … العلوم كلها قطرة من بحره .. الأزمان كلها ساعة من دهره، هو الحق وبه الحقيقة، هو الأول في الوصلة، وهو الآخر في النبوة، والباطن بالحقيقة، والظاهر بالمعرفة…الحق ما أسلمه إلى خلقه، لأنه هو، وإني هو، وهو هو([1])

* الملحوظات:

1- ينكر الوحي، ويجعل الرسول صلى الله عليه وسلم جاء بالرسالة من ذاته وبصيرته، ونرى هذا في الجمل (ما أخبر إلا عن بصيرته … حتى: وأبصر فخبر).

2- يجعل محمداً صلى الله عليه وسلم هو الله، وله جميع صفاته الحسنى.

ويقول أبو طالب المكي:

قال بعض أهل المعرفة: خلق الله الجنة بما فيها من نور المصطفى صلى الله عليه وسلم، فلما اشتاقت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان شوقها إلى المعدن والأصل، وصار شوق المشتاقين إلى الجنة شوقهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم، لأنها من نوره خُلقت([2]).

ويقول البوصيري في البردة:

وكيف تدعو إلى الدنيا ضرورةُ مَن                    لولاه لم تخرج الدنيا من العدم

دع ما ادعته النصارى في نبيهم              واحكم بما شئت مدحاً فيه واحتكم

فإن مِن جودك الدنيا وضرَّتَها                ومِن علومك علمَ اللوحِ والقلم

– أي: أن محمداً صلى الله عليه وسلم هو الذي أوجد الدنيا والآخرة.

ويقول محمد بن سليمان الجزولي في كتابه الذائع الصيت: دلائل الخيرات، وفيه الكفاية عن غيره:

اللهم صل على سيدنا محمد بحرِ أنوارك … إنسانِ عين الوجود، والسبب في كل موجود، عين أعيان خلقك المتقدم من نور ضيائك([3])

– اللهم صل على محمد الذي هو قطب الجلالة([4])

ويقول عبد السلام بن بشيش:

… اللهم صل على مَن منه انشقَّت الأسرار وانفلقت الأنوار، وفيه ارتقت الحقائق وتنزلت علوم آدم فأعجز الخلائق … وحياضُ الجبروت بفيض أنواره متدفقة، ولا شيء إلا وهو به منوط … اللهم إنه سرك الجامعُ الدال عليك، وحجابُك الأعظم القائم لك بين يديك([5])

– ومن صلواتهم عليه صلى الله عليه وسلم في أورادهم:

* صلاة الإمام الغزالي، وقيل: إنها لعبد القادر الجيلاني:

اللهم اجعل أفضل صلواتك أبداً … على أشرف الخلائق الإنسانية، ومجمع الحقائق الإيمانية، وطور التجليات الإحسانية، ومهبط الأسرار الرحمانية … ومالك أزمة المجد الأسنى، شاهد أسرار الأزل، ومشاهد أنوار السوابق الأول، وترجمان لسان القدم … مظهر سر الجود الجزئي والكلي، وإنسان عين الوجود العلوي والسفلي، روح جسد الكونين، وعين حياة الدارين([6])

* من صلاة لأحمد الرفاعي (جوهرة الأسرار):

اللهم صل وسلم وبارك على نورك الأسبق … الذي أبرزته رحمة شاملة لوجودك … نقطة مركز الباء الدائرة الأولية، وسر أسرار الألف القطبانية، الذي فتقت به رتق الوجود … فهو سرك القديم الساري، وماء جوهر الجوهرية الجاري، الذي أحييت به الموجودات، من معدن وحيوان ونبات، قلب القلوب، وروح الأرواح، وإعلام الكلمات الطيبات، القلم الأعلى، والعرش المحيط، روح جسد الكونين، وبرزخ البحرين([7])

* صلاة لأحمد البدوي:

اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا ومولانا محمد شجرة الأصل النورانية، ولمعة القبضة الرحمانية … ومعدن الأسرار الربانية، وخزائن العلوم الاصطفائية، صاحب القبض الأصلية … مَن اندرجت النبيون تحت لوائه، فهم منه وإليه([8])

– لننتبه إلى عبارة: القبضة الأصلية، التي تعني: القبضة التي قبضها الله سبحانه من نور وجهه، وقال لها: كوني محمداً (كما يفترون).

* صلاة لمحيي الدين بن عربي:

اللهم أفض صلة صلواتك … على أول التعينات المفاضة من العماء الرباني، وآخر التنزلات المضافة إلى النوع الإنساني، المهاجر من مكة (كان الله ولم يكن معه شيء ثان)، إلى مدينة (وهو الآن على ما عليه كان)، مُحْصي عوالم الحضرات الإلهية الخمس في وجوده: ((وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ)) [يس:12]… والفيض المقدس الصفاتي الذي تكونت به الأكوان واستمداداتها، مطع شمس الذات في سماء الأسماء والصفات…خط الوحدة بين قوسي الأحدية والواحدية…ومركز إحاطة الباطن والظاهر… ([9])

ويوجد في كتاب الكشف عن حقيقة الصوفية المزيد من الصلوات على نفس النمط سنورد هنا أسماءها للاختصار، ومن أرادها كاملة فليجع إلى الكتاب.

* صلاة لفخر الدين الرازي.

* صلاة النور الذاتي لأبي الحسن الشاذلي.

* صلاة الشيخ محمد أبي المواهب الشاذلي.

* صلاة محمد بن أبي الحسن البكري.

* الصلاة المعروفة بالصلوات البكرية.

* الصلاة المسماة بالصلوات الزاهرة.

* الصلاة السقافية لعبد الله السقاف.

* عدة صلوات (يتعبد بها كل الصوفية).

* الصلاة الكبرى لسيدنا عبد القادر الجيلاني:

…اللهم صل وسلم وأفلح وأنجح وأتم وأصلح وزك وأربح وأوف وأرجح، أفضل الصلاة وأجزل المنن والتحيات، على عبدك ونبيك ورسولك سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الذي هو فلق صبح أنوار الوحدانية، وطلعة شمس الأسرار الربانية، وبهجة قمر الحقائق الصمدانية، وحضرة عرش الحضرات الرحمانية … اللهم صل وسلم صلاة ذاتك على حضرة صفاتك الجامع لكل الكمال، المتصف بصفات الجلال والجمال، من تنزه عن المخلوقين في المثال، ينبوع المعارف الربانية، وحيطة الأسرار الإلهية … اللهم إنا نتوسل إليك بنوره الساري في الوجود أن تحيي قلوبنا بنور حياة قلبه الواسع لكل شيء…وتسري سرائره فينا بلوامع أنوارك حتى تغيبنا عنا في حق حقيقته فيكون هو الحي القيوم فينا بقيوميتك السرمدية، فنعيش بروحه عيش الحياة الأبدية… ([10])

– هذه الصلاة الكبرى للشيخ عبد القادر الجيلاني شرحها الشيخ عبد الغني النابلسي، ونقلها يوسف النبهاني من ذلك الشرح، وكلهم أقطاب مكاشفون عارفون يعلمون علم اليقين!

* ومن صلاة الأنس لأحمد الرفاعي أيضاً:

– ومن شعر لشيخ الإسلام وغوث الزمان الحاج إبراهيم ابن الشيخ الحاج عبد الله الكولخي:

* ومن الأوراد التجانية (الصلاة الغيبية في الحقيقة الأحمدية)، فإنها برزت من الغيب من غير إنشاء أحد، وهي:

* ومن الصلوات الأحمدية الإدريسية (الصلاة الخامسة).

* ومنها (الصلاة السادسة).

الجزء الثاني من الموضوع:

ما هي الحقيقة المحمدية عند الصوفية ؟ 2/2


([1]) أخبار الحلاج (طاسين السراج)، (ص:82، وما بعدها).

([2]) علم القلوب، (ص:30، 31).

([3]) دلائل الخيرات، (ص:100).

([4]) دلائل الخيرات، (ص:214).

([5]) النفحة العلية، (ص:15، 16).

([6]) أفضل الصلوات على سيد السادات، (ص:83).

([7]) أفضل الصلوات، (ص:84)، وقلادة الجواهر، (ص:249).

([8]) أفضل الصلوات، (ص:85).

([9]) أفضل الصلوات، (ص:89، وما بعدها).

([10]) أفضل الصلوات، (ص:174، وما بعدها).

Scroll to Top