متى تعودي يا فلسطين و متى نعود إليك؟

طال الزمان وطال الانتظار وجربنا كل الخيارات ولم تعد إلينا فلسطين فكيف هو الحل؟ متى تتحرر فلسطين ومتى يطبق حق العودة؟ إذا كانت سنة الله ومشيئته ربما بأن تتحرر فلسطين بعد عقود أخرى غير التي انقضت، فمتى يعود جيلنا نحن؟… يا سادة يجب أن لا حق العودةنفكر بهذا الشكل فالجيلين الذين سبقونا قد فاتتهم العودة، وإذا بقينا نفكر هكذا بأنه يجب أن نحل القضية بطريقة سريعة تضمن لنا نحن هذا الجيل بالعودة فسوف يظل كل جيل يفشل ويورث الفشل، يا سادتي إن اليهود استغرقوا أجيالا من العمل المتواصل الموروث حتى وصولوا إلى مرادهم الباطل رغم أنه باطل، ولم يكن كل جيل ينتظر أو يمنّي نفسه بأنه هو الذي سيرى الحلم يتحقق في زمانه، بل كان كل جيل يعمل بكد واجتهاد وهو يعلم أن الطريق طويل والعقبات كثيرة والتأجيلات كثيرة وأن الهدف بعيد، لكن من وجدّ وجد ومن سار على الدرب وصل، وما يهمهم كان أن يعملوا ويتعبّدوا إلههم المزعوم بالعمل على إعادة الشعب اليهود – بزعمهم – إلى أرض الميعاد، فلم يكن هدفهم أن يعودوا هم بأنفسهم، وإلا لما كانوا فعلا قد وصلوا.

إن تاريخ تحرير فلسطين من الاحتلال الصليبي يخبرنا بأن القدس بقيت محتلة 90 عاما وأن عدة عقود من العمل والتحرير منذ عهد نور الدين زنكي إلى آخر فترات حياة صلاح الدين كانت مراحل مستحقة قبل الحلم بالتحرير، كان أولا تحرير الأمة من الجهل بفتح المدارس ونشر العلم الشرعي وزيادة الإيمان، وكان أيضا التخلص من دولة المنافقين الرافضة الفاطميين المتعاملين مع الأعداء، ثم أمكن التفرغ بجد لمحاربة الصليبيين والتخلص منهم، وكان سبقها فترة هدنة طويلة مع الصليبيين لإكمال إعداد العدة للتحرير، يا سادة إن طريق تحرير فلسطين من الألف إلى الياء في هذا الزمن وفي كل زمن هي طريق طويلة وشاقة، لأن طريق الأعداء لاحتلالها كانت أيضا طويلة وشاقة، فمن الطبيعي أن يستغرق العمل على تهيأة الظروف للتحرير وقتا طويلا، وقد استغرق اليهود قرونا من العمل حتى وصلوا، ولكن استبشروا فعملهم باطل وعملنا حق ولن يستغرق كل تلك القرون، ولكن يجب أن ندرك أنه يحتاج وقتا، وممتلئ بالعراقيل والعقبات المتوقعة وغير المتوقعة، وإن عملية السلام هي التمهيد وهي بداية الطريق.

فلا تقنطوا ولا تيأسوا مهما تعنّت العدو ومهما تجبر وأجرم، فإن طريق السلام يمهد الظروف الدولية للقضاء على إسرائيل، ولأنها تدرك ذلك تماما، نجدها تستميت إلى أقصى حدود الخيال هي وحلفاؤها من المنافقين الرويبضة في إفشال عملية السلام ومساعيها، ولكن هيهات لها فنحن نعلم أنها ستنتهي عما قريب وكل آت قريب، ولكن هذا التأخير والتعطيل كله أمر مقدر من الله ومكتوب، وطالما نحن نبذل أقصى ما في وسعنا للدفع بالعملية السلمية للأمام فإنه ليس الأمر بيدنا، بل بيد الله، وعندما يحين الوقت الذي قدره الله للنصر فسوف يأتي، ولن يستطيع أحد أو أي دولة في العالم مهما بلغ جبروتها أن تؤخر أمر الله عندما يجيء ولو طرفة عين، فلنساعد ونقدم ما نستطيع نحن أيضا بالدعاء والتضرع إلى الله في هذه الأيام الفضيلة العشر من ذي الحجة، بنجاح قيام دولة فلسطينية تكون بإذن الله لبنة بناء وتمهيدا للتحرير الكامل الذي بشرنا به الرسول صلى الله عليه وسلم، وكما ذكرنا في موضوعات سابقة في التحليل السياسي للقضية الفلسطينية، ولنكثر من الاستغفار ليجعل الله لنا من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ويرزقنا من حيث لا نحتسب، وليكن الدعاء والاستغفار على مستوى الشعب، ليكون الفرج على مستوى الشعب أيضا إن شاء الله.

يجب أن نكون صبورين، ويجب أن نشجع ونؤمّل بعضنا فهذا هو بداية طريق التحرير، ونشجع وندفع للأمام كل القائمين على على هذه العملية، ويجب أن لا نزيد من إحباطهم، فهذا هو مراد ومنى العدو من وراء تعنّته، فالواجب فينا أن نعلم كيف يفكر عدونا وكيف يخطط لتسخيرنا في سبيل قضيته، ونعمل على إفشال مخططه وفضح هذا المخطط، وعمل مخطط مضاد لمواجهته، فسوف لن يصمد العدو الصهيوني طويلا إن شاء الله، وسوف يُجبر على الاعتراف بالدولة الفلسطينية، كما تم إجباره من قبل على توقيع السلام مع مصر، ثم تم إجباره أيضا على توقيع السلام مع الأردن، ولقد تعنّت كثيرا كلتا المرتين السابقتين، ولكن النصر مع الصبر، فلنستمر في أملنا ولا نيأس من رحمة الله، فقد قال سيدنا يعقوب عليه الصلاة والسلام لأبنائه في ذروة ظروف اليأس والإحباط “يا بني اذهبوا وتحسسوا من يوسف وأخيه ولا تيأسوا من روح الله، إن لا ييأس من روح الله إلا القوم الخاسرون” والفعل فإن تجارب الحياة تخبرنا بأن الفرج يأتي في وقت ذروة ظروف اليأس والإحباط بشرط الاستمرار بالأمل والرجاء، أما الاستسلام لليأس والإحباط فهو من أعظم أسباب الفشل.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

متى تعودي يا فلسطين و متى نعود إليك؟
تمرير للأعلى