قبل أربع سنوات من هذا التاريخ وبالضبط بعد يومين تقريبا من انتهاء كأس العالم 2006 قام حزب اللات باختطاف جنديين إسرائيليين، فأعطى المبرر لإسرائيل للقيام بحرب (مفتوحة) ليس على حزب اللات فقط، بل على كل لبنان، وهنا أؤكد على أن إسرائيل لا تستطيع القيام بأي عمل هجومي أو إرهابي إلا بعد إعطائها المبررات، كما كرنا في موضوع هل تحتاج إسرائيل إلى مبررات لتقوم بجرائمها واحتلالها؟، فاليهود أجبن خلق الله حتى في أوج قوتهم، وكذلك الرأي العام العالمي مهم جدا لهم لاستمرار الدعم لهم، المهم أنه في ذلك الحين كانت الدولة اللبنانية معارضة لهذا العمل وكانت تحذر حزب الله من التصعيد وإعطاء إسرائيل المبررات للقيام بأي حرب، لأن الطرف الخاسر الوحيد هو لبنان بأكملها، أما اليوم فحزب اللات يرفض حتى مجرد إرسال سفينة مساعدات لغزة لكي لا يعطي إسرائيل المبررات للقيام بحرب على لبنان!، ما هو التحليل السياسي لهذا؟
فإذا كان موقف الحكومة اللبنانية السابق خطأ وعمالة، فإن موقف حزب الله الآن هو خيانة وعمالة، وإذا كان موقفه الحالي مصيب وصحيح فقد سبقته الحكومة اللبنانية به، ويجب عليه أن يترك قرار الحرب بيد الحكومة وحدها، ويدل على ذلك أيضا ان حسن نصر الله قد صرح بعيد انتهاء الحرب فيما معناه أنه لو كان يعلم أن خطف الجنديين سيؤدي لكل هذا التدمير في لبنان لما قام به، فالمكاسب لا تستحق شيئا أمام الخسائر، ولكن ماذا ينفع الكلام بعد فوات الأوان؟؟
والسؤال الثاني أيضا هو لماذا تم الانتظار حتى ينتهي كأس العالم وينتهي انشغال الناس بالمباريات، ليتم البدء بمسرحية الاختطاف والحرب، أليس ذلك لكي تحظى هذه الحرب بتغطية ومتابعة إعلامية أكبر؟ ما رأيكم لو ننظر لنتائج الحرب؟ لقد ازدادت شعبية حزب الله إلى الذروة عقب الحرب، فهل إسرائيل غبية لكي تصدر تقريرا علنيا أنها قد هزمت أمام حزب الله لتزداد شعبيته أكثر وأكثر، أم حزب الله ليس عدوا لإسرائيل من الأساس؟
وإذا عدنا للواقع الحالي نرى أنه قد تم قبل بدء كأس العالم تسخين المواقف بين إسرائيل وتركيا، فهل ربما نشهد مسرحية جديد تنتظر انتهاء كأس العالم ليسدل عنها الستار؟ وخاصة أن الأوقات الحرجة على إسرائيل وهي أوقات شدة الضغط الأمريكي والغربي عليها للمضي في عملية السلام، هي أفضل الأوقات للقيام بمثل المسرحيات، لصرف الأنظار عن إسرائيل والقضية الفلسطينية والانشغال بقضايا جانبية أخرى، إضافة لعصافير أخرى كثيرة يتم اصطيادها من أهمها تلميع من يقومون بالمسرحية مثل ما تم تلميع حزب الله بواسطة ذلك التقرير.
لماذا حصلت مشكلة الأسطول التركي مع إسرائيل بالذات وتحديدا في الوقت الذي يذهب فيه نتنياهو لمقابلة أوباما ليضغط عليه بقبول حل الدولتين وإيقاف مهزلة المماطلة في المفاوضات، لماذا في هذا الوقت بالذات؟؟ ألا يمكن تأجيلها لوقت آخر؟ سؤال ينتظر الإجابة والأيام حبلى بالإجابات لمن ينظر ويفتح عقله وعينيه جيدا، فإذا كانت عملية السلام فاشلة بطبيعة حالها كما هو رأي الكثيرين، فهل نتنياهو بحاجة لموقف أو مشكلة لكي يهرب من مقابلة أوباما؟ بالطبع لا، ما أستنتجه هو أن من أهم أسباب فشل عملية السلام والمفاوضات حتى الآن هو ليس لأنها هي فاشلة بحد ذاتها بل لأنه يوجد منهم موكلون بإفشالها والتخريب عليها.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. 4/7/2010