كثيرا ما نسمع في مجالسنا أن إسرائيل لا تحتاج ولا تنتظر أي مبررات من أحد لتقوم بجرائمها واحتلالها للأرض، لأن الغرب كما يظنون واقف معها في كل شيء، لكن ما لم نتنبه إليه هو أن الغرب يقف مع إسرائيل فقط عندما نوجد نحن المبررات لها للاعتداء، وهذا الأمر لم ننتبه له لأنها في جميع حالات اعتدائها ووقوف الغرب معها كان لها مبررات، ولم نجرب مرة أن نلاحظ أنها لا تجرؤ على القيام بالجرائم والتوسع بدون مبررات. إننا نجد الآن أنه حتى حزب الله اللبناني أو الإيراني بالأحرى وكذلك حماس، أصبحوا يرفضون القيام بأي عمل عسكري ضد إسرائيل، بل حتى يمنعون أي مجاهد من ذلك، بل حتى يرفض حزب الله تسيير أي سفينة مساعدات لغزة وذلك منعا لإعطاء إسرائيل أي مبررات للهجوم على لبنان وخلق أجواء توتر وحرب.
كما أن السبب الرئيسي لهذه المقولة المنتشرة هو اعتمادها على مقولة أشهر منها وهي “أن إسرائيل وأمريكا وجهين لعملة واحدة”، فهل خطر في بال أحدنا ان يتأكد ويفحص مدى صحة هذه النظرية (المسلمة)، أم لأنها (مسلمة) فلا داعي للتأكد منها؟ ثم متى بالضبط أصبحت مسلمة؟ وكيف؟ ولماذا؟ وهل يضرنا أن نتأكد من صحتها؟!
إن هذه المقولة صحيحة في جوانب وخاطئة في جوانب أخرى، وعندما نتخيل أننا نريد حقا التخلص من إسرائيل فإن أول وأهم شيء يجب علينا القيام به هو تحييد أمريكا والغرب، وعندها يصبح من المعقول أن نخطط ونفكر جديا بالقضاء على إسرائيل، ولأن تحييد الغرب شيء أساسي فما هو المانع من إعادة النظر في كل المسلمات المسبقة لعلنا نعثر على ثغرة أو شيء يسمح لنا بتحييد الغرب في الصراع؟
وبالعودة لطبيعة العلاقة الغربية الإسرائيلية وخاصة الأمريكية، نجد أن الدعم الأمريكي لإسرائيل هو ناتج عن عقيدة بروتستانتية تقتضي بأن يتجمع اليهود في فلسطين لكي ينزل المسيح (عليه الصلاة والسلام)، وهذه الجزئية استغلها اليهود في كسب الدعم في إقامة وطن قومي لهم في فلسطين حسب عقيدتهم بأن أرض الميعاد لهم أو إسرائيل الكبرى هي ما بين الفرات والنيل، لكن هناك فرق بين كل من عقيدة اليهود وعقيدة البروتستانت في هذه الشأن، وهو أن عقيدة البروتستانت لا تقتضي قيام إسرائيل الكبرى، خاصة أن هذا يتعارض بشدة مع مصالح أمريكا في المنطقة مع الدول العربية، كما أن عقيدة البروتستانت لا تقتضي بالضرورة أن يحل هؤلاء اليهود محل السكان الأصليين الفلسطينيين، كما لا تمانع بوجود دولة فلسطينية، ولا تمانع بحق العودة، ولكن سبب انحياز أمريكا لإسرائيل أكثر مما تقتضيه العقيدة البروتستانتية هو أن العرب كانوا يعطون إسرائيل المبررات للإرهاب والتوسع، إضافة لوجود اللوبي اليهودي الضاغط على الحكومات الأمريكية.
لذا يمكن معالجة هذه الأمور بعدم إعطاء إسرائيل المبررات، ودفعها رغما عنها للمفاوضات وللسلام، وهذا سوف يؤدي لإحراجها أمام الغرب، فهي لا تريد السلام مقارنة بالعرب الساعين له، كما أنه يجب موازنة اللوبي اليهودي بضغوط الدول العربية وتقوية اللوبي العربي، واستغلال وسائل الإعلام لكشف حقيقة إرهاب إسرائيل للشعوب الغربية، فهي ذات أثر في جوها الانتخابي الديمقراطي على نتائج وطبيعة الإدارات والحكومات الأمريكية.
والسلام ورحمة الله وبركاته.