كثير من الحقائق والتحليلات السياسية في الشارع وفي القنوات الفضائية نعجب بها لسنوات طويلة، ثم فجأة نكتشف أنها مجرد خداع زائف، ثم سرعان ما ننسى ذلك ونتلقف حزمة جديدة من الأوهام من نفس المصادر ودون أن نعير اهتماما كبيرا لما حصل في المرة السابقة وكثيرة جدا هي الأمثلة على ذلك، كم منا كان معجبا بحزب الله ويظنه حزبا لبنانيا مقاوما، فإذا هو يصرح علنا بأن ولاءه لإيران، كم منا كان معجبا بإيران ونصرتها الزائفة للقضية القلسطينة ثم تنكشق الحقائق تدريجيا وهكذا، ولكن شيئا مهما لا ينكشفلدينا ولا نسعى نحن لكشفه وهو لماذا في كل مرة يتم خداعنا بشيء جديد ولا نأخذ مجرد عبرة بسيطة بأن نضع في أذهاننا أن نتأكد ونتحقق من أي شيء جديد، فقط مجرد التأكد، لماذا تمر علينا كل خدعة إعلامية أكبر من أختها ثم نظل نتلقف المزيد من الخدع؟
ترى هل يحق لنا وهل يجوز في (شريعة) عقولنا أن نطرح رأيا بوجوب التأكد من أي جهة جديدة تريد أن تقدم الدعم والنصرة للفلسطين ولشعبها المنكوب؟ هل تعلمون أن حقيقة إيران وحزب الله والشيعة التي تم كشفها للجميع مؤخرا هي حقيقة سهلة وبسيطة لو أننا تأكدنا منها منذ البداية؟، ولما تم خداعنا وتخديرنا بها طوال هذه الفترة السابقة، فهل هو خطأ أم هو كفر أم هو حرام أن نقول أنه يجب أن نتأكد وندرس حقيقة أردوغان ومدى صدق نصرته ودعمه للقضية الفلسطينية؟
لماذا إذا تعرض أحدنا للخداع ولو كان من أبسط الناس علما، إذا تعرض مرة في أي مجال سواء في التجارة أو في الصداقة أو غيرها، يصبح بعدها أكثر حذرا وحرصا على التثبت، ويصبح يتأكد حتى من الأشياء التي تبدو في ظاهرها جيدة؟ لأنه لن يخسر شيئا لو تأكد من الجيد وتأكد أنه فعلا جيد، ولكنه سيخسر كثيرا إذا لم يتأكد من السيء وانخدع به وظنه جيد.
ماذا سنخسر مثلا لو حاولنا أن نتأكد من كل شيء جديد نراه يرتفع في الساحة؟ فهناك احتمالين إما أنه خدعة جديدة وعندها نكون قد استفدنا من تأكدنا أننا تجنبنا الخديعة وأصبحنا أكثر وعيا وحرصا، وإما أن يكون فعلا هو شيء جيد وحينها نصبح أكثر معرفة به وبما نستطيع أن نستفيد منه ونصبح أكثر يقينا بفائدته لنا.
إننا فعلا يتوجب علينا أن نبدأ في غربلة تدريجية لكل معلوماتنا ونتأكد من كل ما نعرفه بعيدا عن العواطف والانفعالات، لأننا فعلا نجد أن ما يتم خداعنا به من معلومات وتحليلات سياسية خاطئة هو أضعاف المعلومات الصحيحة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.