الأدلة على علاقة اليهودية بالشيوعية
نأتي إلى علاقة اليهودية بالشيوعية في عدة أزمنة تاريخية، في التاريخ القديم وفي القرن العشرين، وأيضا بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، حيث انتهت الشيوعية بشكلها التقليدي المعروف وتظاهرت بالموت لكنها بدأت مرحلة من التخفي زادت فيها من انتشارها واختراقها للأحزاب والشعوب والحكومات بطريقة لا يشعر بها أغلبية الناس، وهي تخخط للعودة للسيطرة على العالم بالكامل مرة واحدة ثم تظهر نفسها مرة أخرى، وهي لا تزال في تقدم ملحوظ فقط للمتابعين لها بأعين المعرفة الدقيقة بعقيدتها وأساليبها وتكتيكاتها.
أولا في التاريخ القديم
1– دولة القرامطة اليهودية وعلاقتها بالشيوعية الاشتراكية:
القــــرامطة([1]) حركة باطنية هدامة، اعتمدت التنظيم السري العسكري، ظاهرها التشيع لآل البيت والانتساب إلى محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق، وحقيقتها الإِلحاد والشيوعية والإِباحية وهدم الأخلاق والقضاء على الدولة الإِسلامية. سميت بهذا الاسم نسبة إلى حمدان قرمط بن الأشعث الذي نشرها في سواد الكوفة سنة ( 278هـ). وهذا حسب الظاهر، أما ما كان يجري في السر فيبقى لغزاً. ذكر المؤرخون أن القرامطة في أصلهم يهود([2])، وهذا يتضح لنا من خلال دراسة شخصياتها الذين تركوا أثراً بارزاً على سيرها وتشكلها عبر مسيرة طويلة من الزمن.
تبدأ الحركة بعبيد الله بن ميمون القداح الذي نشر المبادئ الإِسماعيلية في جنوب فارس سنة (260هـ ). ومن ثم كان له داعية في العراق اسمه الفرج بن عثمان القاشاني المعروف بذكرويه الذي أخذ يبث الدعوة سراً. وفي سنة 278هـ نهض حمدان قرمط بن الأشعث يبث الدعوة جهراً قرب الكوفة، ثم بنى داراً سماها دار الهجرة وقد جعل الصلاة. التفَّ القرامطة في البحرين حول الحسن بن بهرام ويعرف بأبي سعيد الجنابي، الذي سار سنة 283هـ إلى البصرة فهزم. وقام بالأمر بعده ابنه سليمان بن الحسن بن بهرام ويعرف بأبي طاهر الذي استولى على كثير من بلاد الجزيرة العربية ودام ملكه فيها 30 سنة، ويعتبر مؤسس دولة القرامطة الحقيقي ومنظم دستورها السياسي والاجتماعي، بلغ من سطوته أن دفعت له حكومة بغداد الأتاوة، ومن أعماله الرهيبة أنه:
– فتك بالحُجّاج حين رجوعهم من مكة ونهبوهم وتركوهم ضاحين إلى أن هلكوا في القفر.
– ملك الكوفة ستة أيام استحلها أيام المقتدر (295 – 320هـ).
– هاجم مكة عام (319 هـ)، وفتك بالحجاج، وهدم زمزم، وملأ المسجد بالقتلى، ونزع الكسوة، وقلع باب البيت العتيق، واقتلع الحجر الأسود، وسرقه إلى الإحساء، وبقي الحجر هناك عشرين سنة إلى عام (339هـ).
– توفى سليمان فآلت الأمور لأخيه الحسن الأعصم، الذي قوي أمره واستولى على دمشق سنة (360هـ) وتوجه إلى مصر، ودارت معارك له مع الخلافة الفاطمية، لكن الأعصم تراجع عن فكر القرامطة وانهزم القرامطة إلى الإحساء.
– خلع القرامطة الحسن لدعوته لبني العباس، وأسند الأمر إلى رجلين هما جعفر وإسحاق اللذان توسعا ثم دب الخلاف بينهما وقاتلهم الأصفر التغلبي الذي ملك البحرين والأحساء وأنهى شوكتهم ودولتهم.
الأفكار والمعتقـدات:
– لقد أسسوا دولة شيوعية([3]) تقوم على شيوع الثروات وعدم احترام الملكية الشخصية.
– يجعلون الناس شركاء في النساء بحجة استئصال أسباب المباغضة فلا يجوز لأحد أن يحجب امرأته من إخوانه([4]).
– إلغاء أحكام الإِسلام الأساسية كالصوم والصلاة وسائر الفرائض الأخرى.
– استخدام العنف ذريعة لتحقيق الأهداف.
– يعتقدون بإبطال القول بالمعاد والعقاب وأن الجنة هي النعيم في الدنيا والعذاب هو اشتغال أصحاب الشرائع بالصلاة والصيام والحج والجهاد.
– ينشرون معتقداتهم وأفكارهم بين العمال والفلاحين والبدو الجفاة وضعاف النفوس وبين الذين يميلون إلى عاجل اللذات وأصبح مجتمع القرامطة بذلك مجتمع ملاحدة وسفاكين يستحلون النفوس والأموال والأعراض.
– يقولون بالعصمة أنه لا بد في كل زمان من إمام معصوم يؤول الظاهر ويساوي النبي في العصمة.
– يفرضون الضرائب على أتباعهم إلى حد يكاد يستغرق الدخل الفردي لكل منهم.
– يقولون بوجود إلهين قديمين أحدهما علة لوجود الثاني، وأن السابق خلق العالم بواسطة التالي لا بنفسه، الأول تام والثاني ناقص، والأول لا يوصف بوجود ولا عدم ولا موصوف ولا غير موصوف.
– يدخلون على الناس من جهة ظلم الأمة لعلي بن أبي طالب وقتلهم الحسين.
– يقولون بالرجعة وأن علياً يعلم الغيب فإذا تمكنوا من الشخص أطلعوه على حقيقتهم في إسقاط التكاليف الشرعية وهدم الدين.
– يدعون إلى مذهبهم اليهودَ والصائبةَ والنصارى والمجوسية والفلاسفة وأصحاب المجون والملاحدة والدهريين ويدخلون على كل شخص من الباب الذي يناسبه.
([1] ) عن كتاب ((موسوعة الأديان والعقائد)).
([2] ) وممن قال بيهودية أساسهم، محمود شاكر في كتابه ((التاريخ الإسلامي)) (ج 2 /ص97، ص80، ص111)، الطبعة الخامسة 1991، المكتب الإسلامي.
وقال ابن كثير في ((البداية والنهاية)) (ج 11/ 161): (.. ويلقب أميرهم بالمهدي وهو أبو محمد عبيد الله بن ميمون القداح وقد كان صباغا بسلمية وكان يهوديا فادعى أنه أسلم). وراجع كذلك ((سير أعلام النبلاء)) (ج 15 /213). وكتاب ((سفر نامة)) (ج 1/218)، وفيه عن يهودية أبي سعيد الجنابي في البحرين.
وذكر أن أبا سعيد الجنابي هو عبيد نفسه كما جاء في كتاب ((الروضتين في أخبار الدولتين)) (ج 2 / 214): ((وكان والد عبيد هذا من نسل القداح الملحد المجوسي وقيل كان والد عبيد هذا يهوديا من أهل سلمية من بلاد الشام وكان حداداً. وعبيد هذا كان اسمه سعيدا فلما دخل المغرب تسمى بعبيد الله وزعم أنه علوي فاطمي وادعى نسبا ليس بصحيح لم يذكره أحد من مصنفي الأنساب العلوية بل ذكر جماعة من العلماء بالنسب خلافه وهو ما قدمنا ذكره)). =
([3] ) قلت: لذلك تعتبر الأوساط الماركسية حركة القرامطة، أنها أول حركة اشتراكية في الإسلام، كما جاء في دراسة أعدتها مجلة ((ديوان العرب)) اليسارية في عدد تشرين الثاني 2004، ومما جاء فيها: ((تنتسب هذه الحركة إلى حمدان قرمط ثاني الدعاة في العراق بعد الحسين الأهوازي. وهي على العموم ثورة فلاحين وحرفيين قامت ضد هيمنة كبار التجار والولاة الذين كانوا يمثلون الفساد الإداري والظلم الاجتماعي. وكل ذلك في أواسط القرن الثالث للهجرة. وللحركة وجهان واحد اجتماعي والآخر ديني. ويحمل الجانب الاجتماعي ملامح اشتراكية إلى حد بعيد إذ كانوا يدعون إلى تطبيق جمهورية أفلاطون، ولا شك في أن القرامطة أسسوا أول مجتمع اشتراكي في الإسلام. وتقول النظرية القرمطية ما يلي: لا حاجة للناس في المال لأن الأرض بأسرها هي لهم تعميماً لا تخصيصاً. ويجب جعل الثروة شائعة بين جميع الأفراد بما يؤمن لكل فرد حاجته وكفايته. وكان المجتمع القرمطي يقوم على أسس ديموقراطية وتركزت قيادته في يد مجلس الشورى الذي سمي مجلس العقدانية. وكان يتألف من ستة أشخاص))، انتهى.
وممن تحدث عن دعوتهم إلى شيوع الأموال محمود شاكر في كتابه ((التاريخ الإسلامي)) (ج2 /80)، الطبعة الخامسة 1991، المكتب الإسلامي.
([4] ) وممن تحدث عن دعوتهم إلى شيوع النساء، محمود شاكر في كتابه ((التاريخ الإسلامي)) (ج2/80)، الطبعة الخامسة 1991، المكتب الإسلامي.