الصوفية والخوض في بحر الزندقة

نعم… بعض الصوفية سيقفون حقيقة في مرحلة أثناء السلوك ولا يستمرون في خوض بحر الزندقة حين يتسع الخرق الصوفي والزندقة الصوفية على الراقع وعلى المتأول، حين يصدر من غلاة الصوفية كلام لا يحتمل إلا الكفر والإلحاد. وبعضهم يتظاهرون بأنهم ينكرون ذلك اذا انكشف الأمر.

فهذه شهادات ابن تيمية في قصة إنكار بعض الصوفية لكلام ابن عربي الكفري…

علماً بأن المبدأ الصوفي يوجب على اتباعه تكفير من كشَف سِرّ وحدة الوجود الواجب كتمانه…. اي انهم يكفرونه ظاهراً أمام اهل السنة، خشية انفضاح امر حقيقة الصوفية لدى المسلمين.

يقول شيخ الإسلام: (وحدَّثني الشيخ العالم العارف كمال الدين المراغي، شيخُ زمانه، أنه لما قدم وبلغه كلام هؤلاء في التوحيد (أي الاتحادية)، قال: قرأتُ على العفيف التلمساني من كلامِهم شيئاً فرأيته مُخالفاً للكتاب والسنة، فلما ذكرتُ ذلك له قال: القرآن ليس فيه توحيد، بل القُرآن كُلُّه شرك، ومن اتَّبَع القرآن لم يصل إلى التوحيد!

قال: فقلت له: ما الفرق عندكم بين الزوجة، والأجنبية، والأختِ؟ الكلُّ واحد؟

قال: لا فرق بين ذلك عندنا، وإنما هؤلاء المحجُوبون اعتقَدُوه حرَاماً؛ فقُلنَا هو حرام عليهم عندهم، وأما عندنا فما ثَمَّ حرام.

وحدثني كمال الدين المراغي أنه لما تحدَّث مع التلمساني في هذا المذهب؛ قال: وكنت أقرأ عليه في ذلك، فإنهم كانوا قد عَظَّمُوه عندنا، ونحن مشتاقون إلى معرفة (فصوص الحكم) فلما صار يشرحُه لي أقول: هذا خلافُ القرآن والأحاديث!

فقال: ارم هذا كله خلف الباب، واحضر بقلبٍ صافٍ حتى تتلقى هذا التوحيد – أو كما قال -.

ثم خاف أن أشيع ذلك عنه، فجاء إليَّ باكياً وقال: استر عني ما سمعته مني).
(مجموع الفتاوى) (2/244-245).

قلت: أنظر الى توسل التلمساني بعد زلة لسانه للصوفي كمال الدين المراغي  أن يستر عنه ما سمعه، لماذا توسل اليه وهل القصة دقيقة؟

فهل التلمساني ظنّ أن المراغي سيوافقه على كلامه فأفشى له بما قال، أم أن المراغي مقتنع بكلام التلمساني لكنه جاء لابن تيمية ينكر كلام التلمساني ليشتت انتباه ابن تيمية عن حقيقة الصوفية باعتبار ان كلام التلمساني وتبريره لابن عربي مرفوض عند الصوفية، وبذلك لا يعرف ابن تيمية حقيقة الصوفية ولا يعرف انها مذهب إلحادي واحد يقوم على السرية والتقية الواجب كتمانه لدى الصوفية؟

من عجائب العارفين من الصوفية…

يأتوك بمقدمات جميلات سديدات، ثم يتدرجون بك الى ما يريدون من الدندنة حول البدع الغليظة وقد تصل الى استخدام مصطلحات تدل على وحدة الوجود بتعبيرات خاصة من وجهٍ دون آخر، وبعضهم قد يصرّح بذلك تماماً.

أنظر الى كلام الشعراني هذا حين يقول: “المراد من إنزال الكتب وإرسال الرسل صلوات الله وسلامه عليهم : أن يُعرِّفوا العبيدَ وصفهم وما خلقوا له فيلزموه، ويعرفوا ما لله دونهم فلا ينازعوه”.

قلت: فهذه مقدمة مقبولة… لكن أكمل كلامه الفلسفي الجدلي، ففي آخر الصفحة يزعم انّ آية (يا ايها الذين آمنوا أوفوا بالعقود)…
أنها “أخرجت العبيد عن عبوديتهم لله”.

وذلك…
▪بفهم باطنيّ لا علاقة له بالإسلام.
▪أو قد يتأوله البعض أنّ الشعراني يقصد خروج العبد عن عبودية الله لعبودية هواه.

بعكس الحلّاج وابن الفارض وغيرهم الذين صرّحوا بالوحدة بكل وضوح.
وسبب هذا التلاعب أن الصوفية في حقيقتها حركة باطنية دخيلة على الاسلام.

وللمزيد من التأكيد على هذه الحقيقة الباطنية:

اقرأ كتاب: الكشف عن حقيقة الصوفية لأول مرة في التاريخ

مصدر كلام الشعراني:
( الأنوار القدسية فى معرفة آداب العبودية، ص ١٦٩).

عدنان الصوص

الكلام الموهم للكفر عند الصوفية

السؤال بكل جدية وهدوء : لماذا الإصرار على الكلام الموهم للكفر ثم عند حدوث الفتنة يدعون أنهم قصدوا معاني أخرى؟!

ليس الأمر مقتصرا على ما قاله يسري جبر، وما أثاره من فتنة، بل كل قارئ لتاريخ الفرق يعلم أن ظهور مقالات الصوفية يصحبه اتهام لهم بالزندقة والانحلال.. ونظل ندخل بعدها في دوامة:هل التأويل مقبول أم لا؟ هل الكلام مدسوس أم لا؟ هل تاب منه ام لا؟ هل كان في حالة صحو أم سكر؟ الخ هذه الحيرة التي تصاحب فشو مقالاتهم، واطلاع الناس على حقائقها.

ففي بغداد حصلت فتنة عرفت بفتنة غلام خليل، وقامت الدولة بملاحقتهم، وفروا هاربين مختبئين، ونجا بعض كبرائهم كالشبلي بدعوى الجنون، وتم إيداعه الماريستان.. وبلغت الفتنة ذروتها مع ظهور الحلاج ومقالاته الباطنية وأحواله العجيبة من الشعوذة والسحر والدجل، فأفتى علماء بغداد جميعا بزندقته وإباحة دمه (بالمناسبة تعظيمك للحلاج يعني طعنك في هؤلاء العلماء في حينها).

وتكرر الأمر مع السهروردي المقتول، ومع ظهور ابن عربي تكرر الأمر، ولكن لأنه كان متلونا له لسانان، اشتبه أمره على الناس، لكن كل من اطلع على مقالاته لم يشك في إن صاحب هذا الكلام زنديق.

ومن يقرأ في كتب التراجم سيجد من ذلك الكثير، ويعلم يقينا أن ظهور كلام الصوفية يصحبه فتنة عظيمة، وتلاحقهم فورا تهمة الزندقة والانحلال من الدين.

فليس الأمر مقصورا على الوهابية كما يحاولون الخداع. فهل كل علماء الأمة على مر العصور يسيئون الفهم؟ ويسيؤن الظن بالمسلمين؟ وما سر هذا الولع بالكلام الموهم للباطل؟

ما السر في أن يأتي رجل فيقول : أنا الله!
ما في الجبة إلا الله!
سبحاني سبحاني ما أعظم شاني!
كفرت بدين محمد!
العبد رب والرب عبد!

لماذا يصرون على هذا الكلام رغم ما نجم عنه من فتن وافتراق وضلال خلائق لا يحصون؟!
لماذا يصرون على كلام أهل الزندقة من الباطنية الإسماعيلية لو فرضنا أنهم ليسوا على مذهبهم كما يقول المدافعون عنهم؟!

ما الفائدة التي تعود على المسلمين الآن من إحياء تراث ابن عربي رغم كل ما أثاره من جدل وافتراق وإضلال بسبب سوء الفهم (على حسب كلام المدافعين)؟

شريف طه

Scroll to Top