أعلنت دولة الإمارات في التاسع من فبراير 2021 عن وصول بعثة “مسبار الأمل” بنجاح إلى مدار كوكب المريخ، والتي قد أطلقتها في 20 يوليو 2020 في مهمة استكشافية فضائية هي الأولى من نوعها عربيًا، وعلى الفور بدأت النقاشات الحادة في طول العالم العربي بأسره وعلى وسائل التواصل، بين مشككين ومؤكدين، فالبعض أكد أنها مهمة إماراتية حقًا، وآخرين اتهموا الإمارات بتزييف الحقائق وأن المسبار من صنع دول غربية وليس إنجازًا عربيًا. للأسف فقد طغت الصبغة السياسية والاستقطابات الأيديولوجية على هذه النقاشات، كما كثيرًا ما غابت لغة العلم والتحقق والبحث العلمي، فما الذي جرى بالضبط؟ وكيف يمكن التأكد من القصة؟ وما هي حقيقة صنع هذا المسبار؟ وهل حقًا خدعونا؟ دعونا نبدأ…
ما هو مشروع مسبار الأمل؟
هو مشروع إماراتي لاكتشاف المريخ ضمن مشروعات دولة الإمارات الريادية في المنطقة العربية، وتذكر المصادر أنه قد تم بناء هذا المسبار في في مركز محمد بن راشد للفضاء بواسطة كوادر إماراتية بمشاركة من جامعة كولورادو بولدر وجامعة ولاية أريزونا وجامعة كاليفورنيا بيركلي، بغرض دراسة دورات المناخ والطقس في الغلاف الجوي للمريخ، وأيضًا للإجابة عن أسئلة علمية مطروحة عالميًا تنتظر من يجيب عليها حول أسباب فقدان المريخ قديمًا لغلافه الجوي إلى الفضاء؛ مما تسبب بجفاف سطحه من المياه بعد أن كان كوكبًا مليئًا بالأنهار والبحيرات حسبما أثبتت الدراسات والبعثات الفضائية إليه مؤخرًا.
يستغرق وصول هذا المسبار عدة أشهر، وقد تم اختيار وقت دقيق لإطلاقه، وذلك عندما يكون كوكب المريخ في أقرب نقطة في مداره من الأرض، الأمر الذي لا يتكرر إلا كل سنتين مرة، وقد تم إطلاق المسبار من منصة يابانية نظرًا لسبق اليابان في هذا المضمار، حيث تتمتع اليابان بسجل حافل جيد لعمليات الإطلاق الفضائية أطلقت من مركز تانيغاشيما للفضاء. وقد قيل الكثير حول إطلاق المهمة من اليابان، لكن وكالة الفضاء اليابانية JAXA أكدت أن المهمة هي “برنامج الإمارات المستقل”.
وتذكر موسوعة ويكبيديا: “ولقد اطلق اسم الأمل عليه لأنه يرسل رسالة تفاؤل للملايين من الشباب العربي، ووفقا لتغريدة للشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة رئيس مجلس الوزراء، وزير الدفاع وحاكم إمارة دبي بدولة الإمارات العربية المتحدة، فإنه ذكر أن هذا المشروع جاء سعيا لتأهيل واحتضان الجيل الجديد من علماء الفلك والفضاء العرب، ولاستئناف جزء من الحضارة العربية العلمية.”
ويأتي هذا المشروع ضمن أعمال مؤسسة الإمارات للعلوم والتقنية المتقدمة “إياست”، وهي مؤسسة تابعة لحكومة دبي تابعة لمركز محمد بن راشد للفضاء، ويعمل المركز على تطوير برامج الإمارات لاستكشاف الفضاء التي تتضمن عدة مشاريع لإطلاق الأقمار الصناعية إضافة إلى مشروع استكشاف المريخ، كما يعمل المركز على دعم علوم الفضاء والبحث العلمي في المنطقة. وقد تولى هذا المشروع وكالة الإمارات للفضاء، وهي مؤسسة حكومية في دولة الإمارات العربية المتحدة تم إطلاقها عام 2014 بهدف الوصول إلى كوكب المريخ خلال سبعة سنوات، ويقع مقر الوكالة في إمارة أبوظبي ولها فرع في إمارة دبي.
أدوات المسبار في الاكتشاف
يستخدم مسبار الأمل في مهمته ثلاث أدوات تكنولوجية متقدمة: مطياف الأشعة فوق البنفسجية، وكاميرا رقمية، ومقياس طيف الأشعة تحت الحمراء، سوف يقوم فريق المراقبة بتركيب الصور لإنشاء صورة من الغلاف الجوي السفلي إلى الغلاف الجوي العلوي، ويعتبر مدار مسبار الأمل محوريًا للحصول على البيانات التي يريدونها. كما يقول فرانسوا فورجيه، عالم الفيزياء الفلكية في لابوراتوري دي ميتيورولوجي ديناميك في باريس، فرنسا: “الأدوات ليست ثورية، لكن المدار جديد تمامًا”.
ويقول فورجيت، الذي يشارك أيضًا في مهمة الإمارات لاستكشاف المريخ: “يدور المريخ مثل الأرض ولكن في غضون 24 ساعة و 38 دقيقة وسيكون للمركبة الفضائية مدار إهليلجي يبلغ حوالي 20 ألف كيلومتر في أدنى مستوياتها إلى 43 ألف كيلومتر في الأعلى، ومع كل تأرجح في المدار، سيتتبع المسبار مواقع مختلفة من مداريها الأدنى والأعلى، في النهاية سيتم تجميع جميع البيانات معًا لإنشاء صورة كاملة لتلك المواقع على مدار 24 ساعة كامل ليلاً ونهارًا، ولكن قد يتطلب الأمر ثلاث مدارات لموقع معين لتتراكم دورة نهارية كاملة”.
هذا الفيديو يشرح بإيجاز ووضوح كثيرًا من تفاصيل هذه البعث الاستكشافية:
https://youtu.be/JUr7CQyxbRA
مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ
وهو مشروع لإرسال مسبار الأمل غير المأهول إلى المريخ بحلول عام 2021، وقد وصل المسبار بالفعل إلى وجهته بعد سبعة أشهر من إطلاقه كما كان متوقعًا بحمد الله تعالى، ويعد مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ أول مشروع عربي إسلامي لاستكشاف الفضاء، ومن المتوقع أن يقود منطقة الشرق الأوسط إلى عصر جديد من التطورات التكنولوجية الرائدة، وقد أطلق عليه اسم “مسبار الأمل” لأنه يحمل معه آمال العرب في تحقيق التطور العلمي في المنطقة العربية بأسرها.
وقد وصف الشيخ محمد بن راشد هذا المشروع بأنه يبعث بثلاث رسائل مهمة: الرسالة الأول موجهة للعالم، وهي أن العرب هم أهل حضارة وعلم، مثلما كانوا في السابق عندما كان لهم دورا هام في بناء أسس العلوم الإنسانية الحديقة وساهموا في المعرفة الإنسانية، وسيكون لهم الآن دور لاحق أيضاً، والثانية موجهة للعالم العربي بأنه لا يوجد مستحيل وبإمكاننا منافسة الأمم العظمى ومزاحمتها في السباق المعرفي، والثالثة موجهة لشبابنا بأن من يعشق القمم ليصل لأبعد منها.. ليصل للفضاء.. ولا سقف ولا سماء لطموحاتنا.
يقول ماكدونالد أحد الخبراء في هذا المجال: “إن الذهاب إلى المريخ أمر صعب، فلم ينجح الكثير من الناس في الذهاب إلى المريخ”. لقد دار الأمريكيون وأوروبا وروسيا والهند حوله، لكن روسيا واجهت الكثير من الإخفاقات في محاولة الهبوط على المريخ، وكذلك فشل اليابانيون من قبل.
وهذا فيديو آخر قصير يشرح جوانب أخرى عن المهمة بعد وصولها إلى المريخ:
https://youtu.be/mwtW2_9968s
الخلاصة:
يتبين لنا مما سبق، وبطريقة البحث العلمي البعيد عن التسييس، بأن المهمة فعلًا هي إنجاز عربي غير مسبوق، ومن الطبيعي قيامها بالبناء على خبرات السابقين والاستعانة بهم، إذ إن الحضارة الغربية لم تخجل من الاعتراف بأنها استعانت بالعلوم والخبرات العربية والإسلامية في بداية نهضتها أواخر العصور الوسطى، كما أن الطاقم الذي قام بصنع المسبار والإشراف عليه غالبيته من الإماراتيين وبدعم وتمويل وإدارة إماراتية، وهذا مماثل للمشروعات العالمية الأخرى الدولية حول العالم.
زاهر طلب
13/2/2021
المراجع:
مسبار الأمل – ويكيبيديا (wikipedia.org)
مؤسسة الإمارات للعلوم والتقنية المتقدمة – ويكيبيديا (wikipedia.org)