حوار أم صراع الحضارات يخدم الدعوة للإسلام؟

بناء مسجد في منهاتن قرب برجي التجارة

قال تعالى: (وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ). إن أمريكا وأوروبا والغرب عموما من أهم وأكبر أعداء الإسلام والمسلمين تاريخياً حيث st.ground.zero.jpg_-1_-1كانت الحروب مستمرة مع الروم والبيزنطيين، ثم  الحروب الصليبية ثم الاستعمار في العصرالحديث، وأيضا في علامات الساعة نجد معركة الملحمة الكبرى أو هرمجدون كما يسمونها، وهذا كله مؤشر إلى أن الغرب بشكل عام عدو تقليدي أصيل للإسلام والمسلمين وراسخ في الوجدان التاريخي والديني.

لقد ظلت أوروبا نصرانية طوال قرون طويلة ومستعصية على دخول شعوبها في الإسلام بسبب سياسات الكنيسة الكاثوليكية وإصرارها على منع أي دعوة إسلامية من الدخول والعمل في بلاد أوروبا، كما كان دور اليهود كبيرا للغاية في هذا الشأن حيث كانوا هم من تآمر مع الإسبان وساعدوهم في احتلال الأندلس، كما كان لهم أكبر الدور في إشعال الحروب الصليبية من أجل القضاء على الإسلام، وهم في هذا العصر من يثيرون العداء بين المسلمين والنصارى بدلا من نشر أجواء الحوار والديمقراطية التي سادت والتي ستؤدي إلى دخول عدد هائل من النصارى في أوروبا وأمريكا في الإسلام.

إن الله تعالى تعالى يخاطبنا: (ولا تُجادِلوا أهل الكتاب إِلاَّ بالَّتي هي أحسن)، وفي آية أخرى (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ). وقد أتاحت الديمقراطية الغربية والحريات الدينية للمسلمين لأول مرة منذ زمن بعيد أن يقيموا شعائر دينهم ويقوموا بالدعوة له، وقد كان هذا الفعل عقابه الموت في العصور الوسطى، ولذا نرى أن هاتين الآيتين أصبح من الممكن تطبيقهما في هذا العصر على نصارى الغرب وأمريكا، وعلى الرغم من وجود فئة منهم لا تزال تعادي الإسلام وتحقد عليه بشدة إلا أن الاتجاه السائد والاتجاه الحاكم في دساتيرهم هو السماح للإسلام والمسلمين بإقامة شعائر دينهم والتعبير عن آرائهم والدعاية للإسلام، ولا يمنعون أحدا من الدخول في الإسلام، وهذا الوضع أثار كثيرا حفيظة اليهود والاتجاهات العلمانية المتطرفة والاتجاهات اليسارية والاشتراكية وهي كلها من صنائع اليهود.

في المقابل، نجد تيارا إعلاميا شعبيا كبيرا بين المسلمين يدعو للكراهية والحقد والحرب ضد الغرب (الصليبي) تحت شعار (صراع الحضارات)، وهو أمر لم يعد يناسب هذا الزمان، خاصة أن هذا لو تم العمل به سيؤدي تلقائيا إلى إلغاء حرية الأديان والتعبير عن الرأي في بلاد الغرب النصراني ويكون الخاسر الأكبر بهذا الفعل هو نحن المسلمين، فليس لنا في هذا العصر من القوة أو  امبراطورية اسلامية لفتح البلاد وإدخالها في الإسلام، وفوق هذا نريد أن نضيع فرصتنا التاريخية في سماح الدول الغربية لنا بالدعوة للإسلام على أرضها، وهذا التيار الذي يدعو للصراع بين الحضارات والأديان، لا الحوار معها، هو من صنع الإعلام اليهودي وتأثيره، فاليهود هم الخاسر الأكبر لو تمت أسلمة أوروبا أو أمريكا.

إن إصرار المسلمين وإصرار تيارات غربية ديمقراطية على إتمام بناء مسجد ومركز اسلامي ضخم في منهاتن قرب برجي التجارة العالمي لهو أوضح نموذج لكل ما ذكرناه، فرغم نجاح تيار اليهود الإعلامي في الإيقاع بين الغرب والمسلمين في أحداث 11 أيلول وما تلاها، فإن هذا لن يستمر طويلا بوعينا وفهمنا لطبيعة الصراع مع الأطراف الأخرى، ومن المتوقع أن نجد تيارات غربية تعارض بناء هذا المسجد في منهاتن، سواء ممن خضع لتأثيرات يهودية في هذا الشأن، أم لاعتبارات أخرى مثل بعض النصارى المتشددين، وفي النهاية سيتغلب الاتجاه الديمقراطي الامريكي المنبثق من دستورهم بإذن الله في دعم بناء هذا الصرح الاسلامي وتأييده.

وفي المقابل قد نجد بعض التيارات الإعلامية بين المسلمين تندد بهذا العمل وتحاول إلغاءه، ولا يُستبعد قيام بعض المتطرفين من المسلمين بعملية ارهابية في أمريكا، لإقناع المؤيدين لبناء المسجد بأن الإسلام دين إرهابي، وليدعموا بهذه العملية موقف المعارضين، وبالتالي سيصب عملهم هذا المتوقع في مخطط اليهود الرامي لعرقلة الدعوة الإسلامية في بلاد الغرب، والتي لولاها لأوشك الغرب أن يكون مسلما في أغلبه منذ زمن، فهل نساعد اليهود بجهلنا في مخططهم أم نساعد الإسلام بوعينا في الانتشار؟

Scroll to Top