سعادة وحرية الشعوب هي بأيديهم وحدهم

إن الله سبحانه تعالى بكمال عدله جعل في الأصل سعادة وحرية كل انسان من صنع نفسه، وهذا من معاني قوله تعالى: “إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم” [الرعد:11]، فهذه الآية تربط بوضوح أن حالة الإنسان تتغير تبعا لما في نفسه، إذا الإنسان هو من يقرر حالته الخارجية بتقريره حالته الداخلية.

 

ولهذا فإن قوة الثورات الشعبية ليست في الحقيقة بسلميتها أو بعسكريتها، ولكن بقوة التفكير، وقوة تغيير الأفكار والمشاعر في النفوس، فهي التي بسببها يغير الله الواقع اذا غيرها الإنسان في نفسه، فالله سبحانه وتعالى يقرر أنه لا توجد مشاكل حقيقية للإنسان سببها من الخارج، وانما هي مشاكل فكرية داخلية تنعكس على الواقع فتسبب زيادة سوءه إذا كانت افكارا ومشاعر سلبية، “وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم” [البقرة: 216].

إن كل مشكلة أو مصيبة في واقع الحال قد تكون فيها منحة مخبأة يحصل عليها من يعرف حقيقتها ويتجنب أضرارها، ويستطيع كل انسان أو شعب تحويل الواقع السيء إلى أحسن بإذن الله بواسطة تغيير ما بأنفسهم، وقد أثبت علم التنمية البشرية أن تغيير ما بالنفس من أفكار ومشاعر للأفضل، يحقق تغيير الواقع أيضا وتبدأ تتهيأ الظروف المناسبة للانسان ليغير واقعه.

إن أي تغيير خارجي لا يواكبه تغيير داخلي حقيقي بشكل مستمر سيؤدي للفشل، بل ربما يؤدي لزيادة سوء الواقع، إن واقع الثورات العربية اليوم والثورات بعموم التاريخ تظهر تطورات مرحلية متشابهة، فهي غالبا تؤدي لقيام نظام أشد قسوة وديكتاتورية من الذي قبله، ثم قد تتغير الأحوال للأفضل بعد سنوات طويلة نتيجة إدراك الشعوب لأهمية التغيير الداخلي.

ولهذا ليس ضروريا أن تكون الثورات الشعبية ثورة مظاهرات ولا ثورة اسقاط حكومة أو نظام حكم، بل يجب أن تكون ثورة تغيير فكرية لما في النفوس من افكار ومشاعر. أما كيف يحدث التغيير في الواقع إذا حدث تغيير ما بالأنفس؟ وكيف نغير ما بالأنفس لنغير الواقع؟ كل هذا وغيره من أسئلة سأجيب عليها ان شاء الله في المقالات القادمة.

تابعوني.

زاهر طلب

كاتب ومفكر.

Scroll to Top