ذكرت في مقال سابق أسباب حصول الفتنة بأفكار تنظيم داعش وجبهة النصرة، ولا شك أن الحل يكون ابتداء بالوقاية منها، وأما العلاج فيحتاج لإعارة هذه المشكلة حقها من الدراسة والبحث من قبل العلماء والمثقفين، فهي مشكلة بدأت فكرية قبل أن تصبح أمنية أو سياسية، ولأن من أكبر أسبابها هو الجهل والتخلف، فيكون أكبر طرق العلاج بنشر العلم والوعي الفكري بها، وفيما يلي التفاصيل:
1- تلقي العلم الشرعي عن العلماء المأمونين المعتدلين: كما يجب تجنب أخذ المسائل المصيرية للأمة من الخطباء أو الشعراء والمتحمسين، خاصة إذا كانوا من أصحاب التكتلات الحزبية، وتركيز الاهتمام على العلم والفكر وليس على الأشخاص، فقد قيل قديما: “اعرف الحق تعرف رجاله”.
2- عدم الاكتفاء بالعلم الشرعي فقط: بل الأخذ أيضا بالعلوم المادية والانسانية الحديثة، وعدم تصديق خرافة أن هذه العلوم تتناقض مع الإسلام، بل في الحقيقة إن القرآن يحث على تعلمها، “إقرأ باسم ربك الذي خلق، إقرأ وربك الأكرم، الذي علم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم” [سورة العلق:1-4] “قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق” [العنكبوت:20 ].
وذلك لأن الإعراض عن هذه العلوم يؤدي إلى التخلف والغلو والتطرف والعيش خارج التاريخ في أفكار العصور القديمة، وعدم فهم احتياجات العصر التي لا تتعارض مع الإسلام، والأخطر أنه يؤدي لأن تكون الأمة عرضة للاستعمار والسيطرة عليهم من قبل الأمم والأعداء التي تتقن تلك العلوم.
3- العودة لأهل الاختصاص في كل شأن: فالفتوى الشرعية عند الفقهاء علماء الشرع، ومسائل الاقتصاد والسياسة عند أهلها، ويجب عدم الخلط بين العالم الشرعي والخبير أو المفكر السياسي أو الاقتصادي، ويبقى واجب علماء الشرع بيان الحكم الشرعي في كل ذلك بالتعاون مع أهل الاختصاص.
4- نهوض العلماء والمثقفين والمربين بواجبهم في التوجيه ونشر العلم والثقافة والتوعية: فنحن أمة نعاني من استقالة المثقف وظنه أنه ليس بيده من الأمر شيء، وهذا مخالف لسنة نبينا ابراهيم عليه السلام الذي قال الله عنه: “إن إبراهيم كان أمة…” [النحل:120]وذلك لقيامه بواجبه ولو كان وحده.
5- التركيز على معرفة مقاصد الشريعة وجوهرها وقواعدها العامة: وذلك بحسن معرفة الترجيح بين المصالح والمفاسد بميزان الشريعة بتجرد، لا بهوى الحزبيات الضيقة، فإن الجهل بمقاصد الشريعة العامة من أكبر أسباب الرؤية المتحجرة الضيقة لدى الجماعات المتطرفة والتكفيرية، في حين أن المعرفة بها من أكبر أسباب الدين اليسر والاجتهاد المرن.
يتبع في الجزء الثاني.
الكاتب: زاهر بشير طلب