هل كورونا مؤامرة لقتل ثلثي البشرية؟!

نظرية مالتوس الغربية حول السكان، والتي روجت لتقليل عدد السكان كانت قد انتهت ونُسي ذركرها، ولكن جائحة كورونا أحيتها من جديد، فهناك من فهم النظرية بطريقة علمية وبدأ يشك باحتمال صحتها جزئياً كونها تنص على أن انتشار الأوبئة هو نتيجة طبيعة لزيادة عدد السكان، بينما راح آخرين ينحون منحى نظرية المؤامرة الخرافية غير القائمة على أسس علمية، وصاروا ينشرون أفكاراً مثل أن الهدف من وراء نظرية كورونا – بزعمهم – هو القضاء على ثلثي البشرية، وهذا وهم كبير لأسباب كثيرة، من أهمها أن هذه النظرية قد أصبحت باطلة في معظم الأوساط العلمية والسياسية الغربية منذ عقود طويلة، مثل كثير من الأفكار الأخرى مثل الاستعمار قد انتهت غربياً وبقيت معشعشة فقط مخيلة الكثيرين في العالم العربي.

ما هي نظرية مالتوس؟

تزعم نظرية توماس مالتوس وهو باحث سكاني واقتصادي وسياسي إنجليزي (1766 – 1834) أن عدد السكان يزداد بمتوالية هندسية، بينما يزداد انتاج الغذاء بمتوالية حسابية، أي بمعنى أن السكان يتضاعفون أسرع بكثير من تسارع انتاج الغذاء، مما يؤدي إلى توقع انتشار المجاعات. ولكن الواقع أثبت أن أعداد السكان لا يزداد بتلك السرعة دوماً في كل المراحل من تطور المجتمعات، بينما أثبت العلم والتكنولوجيا كذلك أنه يمكن مضاعفة انتاج الغذاء أكثر حتى من سرعة تضاعف عدد السكان.

هل كان مالثوس على حق؟

تقول إحدى المقالات الغربية بعنوان هل كان مالثوس على حق:

“هل كان مالتوس على حق؟ نعم و لا. فقط لأنه لا يوجد شيء واحد في العالم الواقعي المعقد يمكن أن يمتلك مثل هذه القوة التفسيرية الفريدة. ولا، بشكل أكثر تحديدًا لحجته، لأن الكفاف لم يعد مشكلة. ومع ذلك، فحتى وقت متأخر من عام 1972، ما زلنا نعتقد أنه كان كذلك. ذكر تقرير نادي روما “حدود النمو” أن هناك حدودًا حقيقية وأن موارد الأرض، من الأراضي الصالحة للزراعة إلى النفط ، محدودة. وكان يُعتقد أن النفط على وجه الخصوص ينفد.

لقد رأينا أن هذا الرأي كان خاطئًا – إذ لم يتم اكتشاف المزيد من النفط والغاز فحسب، بل طوّر العلم والتكنولوجيا مصادر بديلة للطاقة، وينطبق الشيء نفسه على استخدام الأراضي وإنتاج الغذاء. لقد أظهر لنا العلم والتكنولوجيا (وربما الرأسمالية والثورة الصناعية) أنه يمكننا باستمرار تعزيز قوة الأرض لإنتاج الغذاء. وفي الواقع نعتقد الآن أن الأرض يمكن أن تطعم وتسكن وتكسو وتنقل بالعموم عددًا أكبر بكثير من السكان من 7.4 مليار لدينا الآن، بل وحتى 9.5 مليار المتوقعة في عام 2050.”

من الواضح إذن بطلان التصور بأن هذه النظرية لا تزال تسيّر العالم الغربي، فرغم أنه حتى وقت متأخر بقي متأثراً بها، لكن مضت ما لا يقل عن خمسين سنة منذر انتهى الإيمان بها، وقد تضاعفت بشكل كبير الدلائل على أن البشرية تتجه نحو مزيد ومزيد من توفير الغذاء والرفاهية والتخلص من الفقر، وتذكر تقارير التنمية المستدامة بأن من المتوقع أن يزيد حجم الغذاء المنتج في سنة 2030 عن حاجة كافة سكان الأرض حتى في الدول النامية والفقيرة رغم الزيادة المتوقعة إلى ذلك الحين.

“في دراسة أجريت في عام 2002 من قبل منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة يتوقع أن إنتاج الغذاء في العالم سوف يصبح أكثر من احتياجات السكان بحلول عام 2030. ومع ذلك فإن الدراسة تحذر أيضا من أن مئات الملايين سوف يظلون في حالة جوع (بسبب الواقع الاقتصادي والقضايا السياسية)”. كارثة مالثوس من ويكيبيديا.

كورونا يعرقل خطة الأمن الغذائي

على العكس مما تصور أصحاب نظرية المؤامرة، فإن جائحة كورونا تخلق المزيد من الفقر وتعرقل الانتاج وتضع التحديات أمام الخطط الدولية للتخلص من الفقر، وذلك فلا يوجد مصلحة حقاً في أن يكون كورونا مؤامرة لقتل البشرية بهدف توفير الغذاء! بل على العكس، كورونا يتسبب بنقص الموارد والغذاء بسبب توقف الانتاج وارتفاع أكثر في المواليد، ربما بسبب اضطرار الناس للبقاء في البيوت.

زاهر طلب

26/6/2021

 

 

 

 

 

Scroll to Top