خطر الإشاعات المغرضة حول التبرعات للاجئين

في المقال السابق تحدثنا عن خطورة فكرة تحويل هدف الثورة السورية من مطالب العدالة والحرية إلى مطلب إقامة الخلافة، وأن الخلافة لا علاقة للثورة بها، ولها طريقها الإصلاحي الخاص بها إن أمكن إقامتها، وأن تحريف هدف الثورة إلى الخلافة هو من أفكار حزب التحرير وتنظيم القاعدة، وأن هذا يؤدي لقيام دولة الخوارج المتطرفة وليس الخلافة الإسلامية الصحيحة.

 

في هذا المقال سوف نتحدث عن خطورة فكرة خبيثة تنتشر بين اللاجئين بدون وعي، وهي اتهام الدولة المضيفة باختلاس أموال المساعدات الدولية والخيرية المقدمة من الأمم المتحدة والدول والجهات المتبرعة، وتنشأ هذه الفكرة عن الجهل وقلة الثقة وسوء الظن، والاستماع الببغائي للإشاعات السلبية حتى ضد من قدم لهم المساعدة! والترديد لهذه الإشاعات بدون التثبت منها، وبدون علم أو تفهم لحجم التكاليف الهائلة للاستضافة وما ينتج عنها من ضغط على الخدمات والبنى التحتية.

كل هذا يؤدي إلى تنامي الحقد وسوء الفهم لدى اللاجئين ضد الدولة المضيفة مما يزيد من فرص انتشار الأفكار والأعمال المتطرفة بينهم.

يجب محاربة هذه الأفكار لعدة أسباب منها:

الأول: أنها أفكار كاذبة مغرضة، حيث أن تكاليف الاستضافة في الواقع تفوق المساعدات الدولية المقدمة للدولة المضيفة، وذلك بعكس ما يعتقده كثير من اللاجئين.

الثاني: أن هذه الأفكار بيئة خصبة لانتشار الأفكار المتطرفة الداعشية والقادمة من حزب التحرير، والتي تضر أولا باللاجئين أنفسهم وتبعدهم عن قضيتهم، وتبعد الشعوب والدول المضيفة عن التعاطف مع قضيتهم ودعمها.

المعالجة:

ويكون التخلص من هذه الفكرة بتعريف اللاجئ بأن المساعدات للاجئين هي على عدة أقسام، منها يأتي للاجئين مباشرة مثل الكوبونات الغذائية والساعدات المالية والعينية من المنظمات والجميعات الخيرية، ومنها مساعدات مقدمة خصّيصا لدعم الدول المضيفة ومساعدتها على تحمل نفقات فتح المخيمات وما تحتاجه من خدمات مثل الكهرباء والماء، إضافة إلى نفقات التحديات الأمنية في حماية اللاجئين وحماية استقرار المجتمع والنفقات الزائدة في الخدمات والبنى التحتية للاجئين خارج المخيمات وهم الأغلبية، وهذه المساعدة للدولة المضيفة هي في الأصل ليست من أجل أن تقوم بتوزيعها على اللاجئين وأنها تقوم باختلاسها بدلا من توزيعها كما يظن الكثيرون!

وعلى هذا الأساس تكون المناشدات الحكومية من الدول المضيفة للمجتمع الدولي بزيادة دعمهم لها كي تستطيع تحمل تكاليف الاستضافة، وخاصة الدول التي لديها أحوال اقتصادية صعبة أصلا حتى قبل وصول اللاجئين إليها مثل الأردن، تكون هذه المناشدات ليست عمليات استجداء كما تقول الإشاعات المغرضة ولا لتقوم الدولة باختلاس هذه المساعدات، بل هي حق لها من المجتمع الدولي لا يقابل جزءاً من وفائها مشكورة بواجبها الإنساني بإيواء واستضافة اللاجئين، وهي محاولة لتعويضها عن الخسارة في الاقتصاد الوطني نتيجة تكاليف استضافة اللاجئين.

أما المساعدات التي يجب أن تصل مباشرة إلى اللاجئ، فجميعها يتم فعلا وصولها إليه وذلك ليس عبر مؤسسات الدولة المضيفة، بل عبر منظمات دولية وجمعيات خيرية كثيرة مثل مفوضية الأمم المتحدة وغيرها، وتتحدد كميتها بحسب كمية الأموال المتبرع بها التي وصلتهم وبحسب عدد اللاجئين وشدة حاجتهم.

زاهر بشير طلب

Scroll to Top