الملف السوري المدول ها نحن ندخل الحرب العالمية الثالثة: حرب الغاز

عندما اعلنت شركة غاز بروم الروسية عن توقف توريد الغاز للدول الأعضاء في السوق الاوروبية وحملت اوكرانيا المسؤولية تم عقد اجتماع في بروكسيل لكل من ممثلي الشركة الروسية وشركة النقل الاوكرانية لارسال محققين بهدف تقصي الحقيقة وتحديد مسؤولية كل طرف وهذا اظهر بالمحصلة أزمة في العلاقات الدولية وبداية تشكل احلاف جديدة تماما كما كان الوضع عشية الحرب العالمية الثانية.

مشاريع الغاز متضاربة وكثيرة لكن اليوم هناك مشروعان هما الأكثر ظهورا وتضاربا الأول نابوكو وهو المشروع الغربي الذي يهدف لتجاوز روسيا بمروره عبر تركيا والثاني واسمه النورث ستريم وهو ما يحفظ لروسيا باب التحكم ولروسيا مشروع اخر مكمل وهو الساوث ستريم.

الأوروبيون يريدون ان يتحرروا من هيمنة روسيا على سوق الغاز، وتركيا هي من اهم الدول في كل المشاريع بل هي البلد الذي لا يمكن التحرر من اهميته.

من هنا فتركيا ليست سفيرة اميركا كما كان يعتقد وفي الوقت ذاته ليست دولة عظمى بعد وكلا المشروعين يمران عبرها.

ولكن يخطئ من يظن أنها مجرد طالب لعضوية في سوق اوروبية مشتركة لأن مشروع النابوكو وضعها في قلب الأحداث في هذه المرحلة وبمعية واشنطن اللتي يهمها جدا ابعاد موسكو والحد من نفوذها في هذه المنطقة وفي العالم ايضا.

لكن لتركيا ايضا دورها المستقل واردوغان يلعب بذكاء ويخطئ من يعتقد أنه ينفذ اجندة امريكية فها هو بوتين يعرض على تركيا بناء ممرات غاز ضمن مشروع معاكس للنابوكو وهو ساوث ستريم وهذا ما وافق عليه اردوغان مؤخرا وسط ذهول الغرب وتركنا نتساءل: هل نحن امام حلف جديد يضم ايران وتركيا وروسيا والصين لتكون سورية احدى ضحاياه؟

ولكن الأمور ليست بهذه البراءة فبعد اتفاق مع قطر الدولة ذات النفوذ الكبير ،طمأنت تركيا الغرب بانها ستقدم مشروع النابوكو على الأخر وستوصل غازالعراق ومصر وقطر كذلك اذربيجان ولربما تركمانستان وغازايران الى اوربا ، بهذا تحل تركيا مكان اوكرانيا في دورها الاستراتيجي وتاخذ دورا سياسيا هاما في الشرق والغرب،لتتحالف مع ايران بدل ان تتنافس معها رغم علاقاتها الجيدة مع قطر واسرائيل؟

تركيا تمسك العصا ليس من الوسط لكن من كل الجهات فاضافة للجانب الاقتصادي وهو الجانب الهام جدا ومن شأنه ان يكرسها كقوة اقليمية هناك ايضا الجانب الايديولوجي وهو سلاح اخر ونعني تماما التنظيم العالمي للإخوان المسلمين وهو تنظيم متماسك وله حضوره القوي في المنطقة وفي مختلف ارجاء العالم ايضا وان كان دون رأس وسلطة كما كان حال الخلافة العثمانية. ومثل الحلم الفارسي باحتلال الخليج تحلم تركيا باستعادة امجادها الامبرطورية ليس كمستعمر لكن كقوة عظمى.

نعم نجح اردوغان من خلال ذلك بفرض تركيا كدولة ذات هيبة في اوروبا مما ادى الى نشوء مواقف متباينة فبينما تعارض المانيا دخول تركيا في السوق الاوروبية المشتركة تبدو فيينا مشجعة وهناك الكثير من الاسئلة تطرح نفسها وتتمحور اساسا حول: إلى أين ستصل الخلافات في الأزمة الجديدة؟

اندلعت أزمة مضيق هرمز بعد إعلان الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية نيتها فرض عقوبات على صادرات إيران النفطية على خلفية برنامجها النووي، وهو ما دفع إيران الاسبوع الماضي إلى التهديد بإغلاق المضيق، الذي يمر عبره 35′ من النفط العالمي المنقول بحرا.

ويشكّل مضيق هرمز أحد أهم الممرات المائية في العالم وأكثرها حركة للسفن، ويقع في منطقة الخليج العربي فاصلاً ما بين مياه الخليج العربي من جهة ومياه خليج عمان وبحر العرب والمحيط الهندي من جهة أخرى، وهو المنفذ البحري الوحيـد للـعــراق والكويت والبحرين وقطر. بعباره اخرى نحن نشهد تشكل حلف لن تتركه مراكز القوى في العالم يتطور.

وهنا يراودنا سؤال: هل ستكون جماعة الإخوان المسلمين في سورية تحت سيطرة تركيا ام تحت سيطرة قطر؟ ام ستحاول الجماعة اتباع سياسة اردوغان في التحرر من التبعية ؟ اتكلم عن الاخوان كمثل افتراضي لتواجدهم في الساحة السياسية بقوة وتنظيم يفتقده غيرهم، ونسأل ايضا هل النظام الجديد في سورية الجديدة سيحد من النفوذ الايراني الذي تعاظم في ظل حكم بشار الاسد؟

بمعنى أخر: هل سيؤدي ذلك الى تحرر سورية بعد سنوات طويلة من الاستعباد لتحصل على الاستقلال التام وما الذي سيضمن لنا عدم التبعية لتركيا او لغيرها ؟

ثورتنا ليست للبيع ولن نساوم على حريتنا ومن قال ان الشرق الاوسط اصبح غنيمة يتقاسموها ؟

ولكن ونسأل ايضا من جديد: ان كانت سورية هي الضحية في العرس الايراني التركي فمن هي الضحية القادمة وهل سيبقى الاردن آمنا وكذلك دول الخليج؟

رغم ذلك نتفاءل باقتراب اللحظة اللتي سيفهم فيها العالم ان السوريين يناضلون امام ابواب العالم العربي والعالم الغربي لوحدهم لكي ينالواالحرية والكرامة ويستعيدوا الديمقراطية الغائبة والسيادة المفقودة.

لمى الاتاسي

2012-01-26

Scroll to Top