بعد احتراق ورقة برهان غليون في المجلس الوطني وبعد أن أصبح المجلس على وشك السقوط شعبيا بسبب ابتعاده عن المطالبة الصريحة الواضحة بمطالب الشعب السوري، ظهرت وجوه جديدة في المجلس تحاول ترقيع الحال مع تغيير طفيف في الخطاب، وطبعا أؤكد على أن المجلس لا يجب أن يسقط لصعوبة تأمين بديل متفق عليه حاليا، وإنما يجب أن يتم إصلاحه جذريا وإسقاط كل الزمرة المرتبطة بالمصالح الإيرانية والروسية فيه، من برهان غليون وبعض إخوان إيران، لكن هل هذه الوجوه الجديدة تحتلف كثيرا؟
من هذه الوجوه الجديدة كمال اللبواني وجورج صبرا، وقد أعجب البعض بكلام وأفكار اللبواني، الذي اقترح إعادة هيكلة المجلس الوطني، قائلا: المجلس بحاجة إلى ثورة!، أما جورج صبرا فقد طالب بمساعدة الأمم المتحدة، مثلا بإرسال القبعات الزرق (قوات الأمم المتحدة لحفظ السلام). حسنا هل القبعات الزرق تكفي لحماية الشعب؟ ممكن… ولكن ماذا عن إسقاط النظام؟ لنلاحظ أن القبعات هذه ستوقف كل عمل عسكري حتى الجيش الحر، وطالما أن هذا النظام لا يسقط بالمظاهرات فكيف نسقطه إذا؟
أما كمال اللبواني فأعتقد أنه لا يختلف إلا قليلا عن الشلة البائسة مناع-غليون-عيطة، ليس فقط لأنه عضو في الحزب الشيوعي، ولكن أيضا لأن خطابه ليس مستقيما وفيه بعض من التلاعب المدروس، وأرجو من الجميع التدقيق فيه. أما تاريخه فهو قد بدأ نشاطه السياسي في الجامعة مع الحزب الشيوعي المكتب السياسي (جناح رياض الترك)، كما أن جورج صبرا هو الآخر شيوعي.
وأضيف أني متأكد أنه تقريبا كل شيوعي وكل بعثي وكل اشتراكي هو إما مؤيد للنظام، أو هو مثل هيئة التنسيق مع اختلاف في درجة اقترابه من الثورة، بمعنى أنه لا يكاد يريد إسقاط النظام إلا رغما عنه. قاتل الله الشيوعية ومشتقاتها الماركسية من بعث وناصرية واجتماعية قومية… فقد أسسها اليهودي كارل ماركس الذي كان صديقا حميما لليهودي موسى هس الذي أسس الأيديولوجية الصيهونية.
وفي حوار طويل مع السيدة سهير الأتاسي في صحيفة فرنسية، كان عدد غير قليل من إجاباتها تطالب فيه المجتمع الدولي بالاعتراف بالمجلس “الوطني” السوري، لكنها في نفس الوقت كأنها لا تعرف أن رئيس المجلس والمتنفذين فيه يرفضون ما تقوله، فهي تطالب بالتدخل الدولي لمنع الحرب الأهلية، وقد سمعنا مرات كثيرة لغليون وغيره أنهم يرفضون التدخل الدولي لأنه يجر إلى حرب أهلية (بزعمهم)، ولذلك لن نخدع بمطالبة غليون أمس الجامعة العربية بتحويل الملف إلى مجلس الأمن لأنه يعلم أن الجامعة العربية لن تدول الملف خصوصا بعد استقبالها وفد من الأمم المتحدة لتدريب مراقبيها المتهالكين.
باختصار شديد جدا وكما هي عادتي (التي ربما مل منها البعض) ولكن أعيد وأكرر، لأني أعتقد أنها الحقيقة، فأقول أيضا:
سهير الأتاسي معارضة ولكنها بعثية، وهي بنت البعثي جمال الاتاسي، وهو يعد من المفكرين القوميين المعروفين في سوريا وفي الوطن العربي، وشارك مع صلاح البيطار وميشيل عفلق في تأسيس حزب البعث العربي الاشتراكي عام 1947 م، كما شغل منصب وزير في الحكومة السورية، وشغل منصب الأمين العام للاتحاد الاشتراكي المعارض.
وأكرر مرة أخرى إن كافة الشيوعيين والبعثيين تقريبا وكل مشتقاتهم في أي دولة في العالم، إما مؤيدين للنظام أو إذا كانوا معارضين له فعلى طريقة غليون ومناع.
أحدهم انتقد نظرتي فكتب تعليقا: “أتفهم كرهك للشيوعية ومشتقاتها، ولكن يجب أن لا نقف عندها كوصمة عار على جبين كل من انتسب إليها يوما ما (أو ما زال) من المعارضين السوريين، ونحلل مواقفه على أساسها، بل أن نترك له الفرصة لقول ما يريد، والأيام القادمة تتكفل بغربلة الجميع.. علينا أن نبتعد قدر الامكان عن هذا السلوك (الاتهامي) التشكيكي؛ فليس المهم الآن إقصاء الآخر على أساس أيديولوجي سياسي؛ بل قبول انضمامه إلينا على أساس وطني بحت، ولنترك للكل فرصة كي يزيح بنفسه الغشاوة عن عينيه، ويعلن بنفسه فشل كل تلك النظريات والمبادئ التي اعتنقها (والتي لا تمت لمجتمعنا بأية صلة)، وسقوطها الذريع”.
في الحقيقة أعتقد أنه كلام صحيح من تلك الزاوية، وسأقول أيضا بأن أصحاب هذه الأيديولوجيات المماثلة لأيديولوجية النظام حتى لو كان أحدهم يريد حقا إسقاط النظام بكل صدق، فهم رغم ذلك لا يمثلون هذا الحراك الشعبي اللاأيديولوجي، ولا يحق لهم ولا لأي متسلق لم يكن من المشاركين بالثورة أن يقطف ثمرتها، فكيف إذا كان من يريد ذلك ينتمي لنفس أيديولوجية النظام، ويختلف معه فقط في أسلوب تطبيقها وليس في الهدف النهائي منها؟
طبعا هذا لا يعني أن لا نستفيد من مواقفهم المعارضة للنظام، ولكن فقط للتأكيد على حجمهم الحقيقي في هذه الثورة التي هي من حق شعبها.
من زاوية أخرى، هناك مثل يقول السعيد من اتعظ بغيره والشقي من اتعظ بنفسه، والأشقى من لم يتعظ لا بنفسه ولا بغيره، وبعيدا عن التشكيك والاتهامات، هناك تاريخ إنساني من تجارب غيرنا قال لنا وكرر علينا كثيرا، بأن كل من يتبنى الأيديولوجية الشيوعية أو مشتقاتها يظل مناصرا بشدة لرفاقه من هذه الأيديولوجية، وإذا اختلف معهم فهو خلاف في التكتيك وليس في الأهداف، وأما من تاريخنا، فيكفي لنا حتى الآن سقوط هيئة التنسيق التي جميع أفرادها منتمون للأيديولوجية الشيوعية، ثم أيضا سقوط برهان غليون وزمرته من اليساريين في المجلس وهم أيضا على نفس الشاكلة، وأيضا تأييد روسيا والصين الشيوعيتين للنظام وكذلك كل الدول الشيوعية والاشتراكية حول العالم، أفلا يكفينا هذا؟ وبعيدا عن اتهام الآخرين. أم أنه يجب أن يستمر القتل بشعبنا، وندفع الثمن من دمائنا في كل مرة، ونلدغ من نفس الجحر 100 مرة كي تتغربل المعارضة؟
شيوعيين… شيوعيين… الناس ملوا مني لماذا أظل أتحدث عن الشيوعيين!! طيب لماذا لا يملون لأنه لا يخرج علينا من المعارضة السورية إلا شيوعيين أو اشتراكيين؟! لا أعرف معارضا ليس شيوعيا إلا نوفل الدواليبي، وربما لهذا السبب هو غير مشهور، بل إنه حتى الإخوان المسلمين اللذين يفترض بهم أن ينأوا بأنفسهم عن الشيوعيين، هم بدلا من ذلك يتحالفون معهم!!.
إذا على هذه الحالة… هل المشكلة مني لأني أظل أكتب عن الشيوعيين أم هي من المعارضة السورية؟ التي كلها شيوعيين وبعثيين واشتراكيين، والله لقد أصبحت أمنيتي أن أشاهد على الشاشات معارضا واحد وطنيا أو إسلاميا (من قلب ورب).