لا يزال البعض يطالب بإدخال مراقبين دوليين إلى سوريا لحماية المدنيين عن طريق قرار من مجلس الأمن، ويضربون أمثلة ببعض الحالات التي تمكن فيها المتظاهرين من إكمال مظاهراتهم بأمان بسبب وجود لجنة تفتيش من الصليب الأحمر في ساحة الساعة في حمص، وفي قصة أخرى بوجود وفد من اللجنة الدولية للصليب والهلال الأحمر الدوليين في تشييع شهيد إلى مقبرة حمص، ويقولون إنه من الممكن إجبار النظام على قبول إدخال المراقبين عن طريق قرار ملزم من مجلس الأمن ولا يمكن لروسيا ولا الصين الوقوف في وجهه. فهل هذا معقول؟
لا شك طبعا أن المراقبين الدوليين يمكنهم أن يخففوا من إجرام هذا النظام، ولكن الأمثلة التي يذكرونها لا تثبت صحة ما ذهبوا إليه فقط، وإنما أيضا تثبت عدم وجود جدوى كبيرة من هذا الأمر، لماذا؟
1- في قصة ساحة الساعة في حمص، قامت قوات الأمن بإطلاق النار بكثافة فور ذهاب لجنة الصليب الأحمر، فهل من الممكن أن يبقى المراقبين متواجدين طوال الوقت في كل مكان؟ هل يمكنهم منع النظام من الاعتقالات العشوائية في جميع الأحياء التي تظاهرت؟ وحتى لو أخفى المتظاهرين وجوههم، فإن النظام سيجري حملة اعتقالات عشوائية.
2- عندما يكون المطلوب هو مراقبين يشملون كل سوريا سيختلف الأمر بالنسبة للنظام، تخيل نفسك مكانه، هل يمكن للنظام أن يتوقف عن قتل المتظاهرين وهو يرى نفسه يسقط ولا يفعل شيئا؟؟ كلنا يعرف رقصة الديك المذبوح، بل تخيل هنا أنك تذبح ثورا بطريقة سلمية ولا يوجد معك ما يحميك فيزيائيا من نطحاته!! فمن سيموت أنت أم هو؟ هذا إذا كان من الممكن أصلا ذبح ثور بطريقة سلمية.
3- ماذا لو تظاهر النظام بقبول القرار الملزم من مجلس الأمن بإدخال المراقبين كما تظاهر القذافي بقبول قرار وقف إطلاق النار، ثم يقوم عمليا بعرقلة دخولهم بشتى أشكال الحجج؟
4- ماذا لو عمل النظام عبر شبيحته كمينا للمراقبين وقتل بعضهم واتهم المتظاهرين بذلك؟ هل سيبقى بقية المراقبين أم سيهربون؟ لنتذكر رفض لجان الإغاثة الدولية إغاثة الجائعين في أطراف الصومال لأن الوضع غير آمن بسبب المقاتلين.
أتمنى من كل قلبي لو كان إرسال مجرد مراقبين دوليين يفي بالغرض، لكن لماذا لا نزال نفكر بهذه السذاجة ولم ندرك بعد حقيقة هذا النظام جيدا؟ هل بعد أكثر من خمسة آلاف شهيد، وبعد الفيتو المزدوج يبقى يسارونا أدنى شك بأن هذا النظام وبدعم من روسيا وإيران والصين وإسرائيل مستعد فعلا لقتل نصف الشعب السوري لإخماد الثورة؟
لنصحو جيدا على حالنا وكفانا سذاجة، لا أدعو لترك السلمية، وأقول إن المراقبين ودخول الإعلام الحر سيفيد بالتأكيد في تخفيف إجرام النظام، ولكن أيضا بدون حظر جوي وتسليح الجيش الحر بالسلاح الثقيل فإنه المدى البعيد على الشعب السوري أن ينسى ثورته نهائيا وليستعد لعشرة مجازر بحجم مجرزة حماة الكبرى (لا سمح الله).